ناهض حتر يفتح النار على وزير الداخلية " مازن الساكت "

أعلن وزير الداخلية, مازن الساكت, أن العديد من شعارات الحراك الشعبي هي "شتائم سياسية", وأنه سيحوِّل مطلقيها إلى القضاء. وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الساكت, الحراك الشعبي, ويتهدد نشطاءه.

لديّ تقارير مفصلة بشعارات مظاهرات واعتصامات الجمعة, ولا ينطبق على أي منها وصف " شتيمة" مما ينال كرامة الأشخاص وأسرهم وأعراضهم. وما عدا ذلك من كشف ملفات الفساد والهدر والخصخصة وإعلان أسماء المتهمين شعبيا بهذه الملفات, لا يندرج في باب الشتيمة, وإنما في باب التحدي الصريح للمادة 23 المشؤومة, والتأكيد بأن الشعب الأردني سيخوض المعركة ضد الفساد حتى النهاية.

وإنني لأعجب من هذا الإستعلاء على الأردنيين, المطلوب منهم تجرّع آلام الإفقار والتهميش وضياع مستقبل أبنائهم, وغض البصر عن ثراء الفساد المكشوف المتراكم على حسابهم, وابتلاع غصّة القلق على وطنهم, من دون أن يكون لهم الحق في صرخة احتجاج!

أما تهديدات الوزير, فإنها تدعو للإبتسام حقا. فموازين القوى الاجتماعية السياسية القائمة فعلا في البلاد, لا تسمح للوزير أو سواه باتخاذ إجراءات أمنية أو قضائية ضد نشطاء الحراك الشعبي. يستطيع الوزير أن يورّط الحكومة والنظام, فيأمر باعتقالات ويُكيّف قضايا لمطلقي ما يسميه " الشتائم السياسية", لكن هل يمكنه أن يضبط ردود الفعل الشعبية? وهل يتحمل المسؤولية السياسية عن الإنفجار الواقف على شرارة? وهل يملك الخطة (ب) إزاء المظاهرات المضاعفة الجديدة التي ستنطلق دفاعا عن قيادات الحراك, وما سيرتفع فيها من قصف سياسي ومواجهات مفتوحة?

تحتاج إدارة السياسة المحلية, اليوم, من الوزير والحكومة, إلى الحكمة والتبصّر والحسابات, وليس إلى التشبّه الكاريكاتوري بالدكتاتوريين, واطلاق التصريحات غير المسؤولة وإصدار القرارات الفجة مضمونا وشكلا.

أصبح الساكت وزيرا ثم وزيرا للداخلية بفضل الحراك الشعبي بالذات. ولولا حكمة قيادات هذا الحراك التي أرادت منح فرصة - ضاعت - لحكومة البخيت, فالأرجح أن الساكت وزملاءه ربما كانوا اليوم في منازلهم. ومن المعروف أنهم سيعودون إليها قريبا, وقد تركوا وراءهم أسوأ الإنطباعات.

من المؤسف أن يتم تفسير عقلانية الحراك الشعبي في تجنّب المواجهة على أنها ضعف. ومن المؤسف أكثر أن يؤدي ذلك إلى استنتاجات خاطأ قد توصل البلد إلى مأزق.

مرة اخرى, نلاحظ أن عقلانية الحراك الشعبي, التي تنبع من حس عال بالمسؤولية الوطنية والحكمة, تعوزان الطرف المقابل, المصر على استنزاف الصبر.

تورطت حكومة البخيت بإقرار المادة 23 الخاصة بحماية الفاسدين, وإجبار النواب على تمريرها. ولكن سرعان ما تبين أن موازين القوى لا تسمح باستكمال الإجراءات بشأنها ووضعها موضع التطبيق. وخرجت حكومة البخيت من حماسها ذاك تجرّ أذيال الخيبة, ولم تحصد سوى إشعال فتيل الغضب الشعبي, بعد أن وأدت التأثير الإيجابي الممكن للتعديلات الدستورية. وها هو الساكت يؤجج بتصريحاته, المزيد من الغضب.

كنا نتمنى على الساكت, لكي نأخذ " صلابته" على محمل الجد, أن يستقيل أو - أقله - يسجّل اعتراضا على المادة 23 , بدلا من تهديد الغاضبين على سياسة دعم وحماية الفاسدين. لكنه أبى إلا ان يلحق ربعه.