كبار الشخصيات إذ يكتفون بأرباحهم ويختفون في بيوتهم * ماهر أبو طير
معظم كبار المسؤولين السابقين يتفرجون على اوضاع البلد الداخلية، ولا يتكلمون بكلمة، من اجل تهدئة الداخل الاردني، وكأن الامر لا يعنيهم، لا من قريب ولا من بعيد.
هذه بطانة بنتها الدولة على مدى عشرات السنين، لكنها تجلس متفرجة على الوضع الداخلي، فلا ترى مسؤولا كبيرا سابقا له وزن في محافظة ما يقوم بدور من اجل تهدئة الشارع في محافظته، ولا ترى احدا منهم يتصل بالناس، او يحاول ضبط ايقاع الغضب.
وكأن الدولة قامت بانتاجهم لذواتهم الوسيمة فقط، فلا دور لهم، ولا يتبرعون بأي دور، باعتبار انهم ما داموا خارج السلطة فلتحترق روما ومن فيها، ولعل المتأمل لقائمة الاسماء، يجد مئات الاسماء التي اخذت من البلد والدولة الكثير، لكنها تختبئ اليوم في بيوتها، باعتبار ان هذا شأن لا يعنيها.
بغير مداخلات التحريض على المؤسسة العامة، لا تجد احدا يبادر من تلقاء نفسه بممارسة اي دور وطني، للاتصال بالجماهير والحراكات والتأثير في المحافظات والاطراف، وايضا عبر التأثير على القوى السياسية، وكل واحد يغني على ليلاه.
ايضا فقدنا الوسيط السياسي والاجتماعي بين الدولة والناس، فقد تم تحطيم كل الرموز السياسية والاجتماعية، وحرقها بالاشاعات وسوء السمعة، وقصص الفساد الصحيحة وغير الصحيحة، حتى ابَّدنا طبقة كاملة كان بامكانها ان تلعب دورا مهما هذه الايام.
الدولة تأكل بطانتها من جهة، وتترك بقية البطانة للحرق والتكسير، ويفر الجزء المتبقي من اي دور، لان المعيار اختلف، ولان هناك شعورا ايضا لدى هؤلاء ان لا احد يطلب منهم، ولا احد يعتمد عليهم، ولا احد يدعمهم سياسيا، ولا احد معنيا بهم.
بهذا المعنى، اكتملت الصورة، ما بين من اكلناه مثل صنم التمر ذات جوع، وذاك الذي تخلى عن دوره راضيا مرضيا، قائلا اذهبوا انتم وربكم فقاتلوا، وهكذا فمن الطبيعي جدا ان يحدث فراغ كبير، وتختفي الطبقة السياسية الوسيطة بين الدولة والشارع.
غير ان كل هذا لا يمنع كل الطبقة من رجال دولة سابقين، من ممارسة دورهم الطبيعي دون انتظار مكافأة او تكليف او طبطبة على الظهر، لان السؤال يأتي عن الذي ينتظرونه في حالة المتفرج هذه التي تشي بسلبية عظيمة وقلة وطنية.
مؤسف حد الفجيعة هذا المشهد، فلا تجد شخصية واحدة قادرة على اطفاء النار في البلد، ولا على اقناع الشارع، ولا على محاورة احد، وهكذا تبرز رموز وقيادات جديدة انتجها الشارع، وصارت هي البديل، في ظل ضعف هؤلاء، ونومهم في بيوتهم، بعد ان غرفوا السمن والعسل من بئر الدولة.
السؤال: اين الطبقة التي بنتها الدولة وتضم الاف الاسماء، فلا نجدها اليوم، ُتحدث احدا، ولا تقوم بأي دور، سوى الشماتة بالمشهد العام، والجلوس للتفرج، باعتبار ان المشهد لا يعنيهم، لمجرد وجودهم خارج مراكز صنع القرار، في حالة انانية عز نظيرها، تؤشر على فشل رهاناتنا على هؤلاء.
غرفتم السمن والعسل، لكن البلد حين احتاجكم نخبا ومسؤولين سابقين، لم يجد احدا منكم.