إنتخابات البلديات .. أزمة تضاف إلى أزمات !
لا يبدو أن المشهد الانتخابي للبلديات في الأردن سيمنح الحكومات فرصة الخروج من أحدى أزماتها المتعددة بقدر ما يعمق أزمتها ان استمرت بقرار إجراء الانتخابات البلدية لهذا العام دون ترتيب أوراقها وتطويق الأزمات التي نشأت بل وانشئتها بنفسها بالنظر للحالة القائمة هذه الأيام سواء على صعيد المطالبات التي تشهدها مناطق عديدة في المملكة لفصل بلدياتهم عن بلديات اكبر أو عن المركز لأسباب قد تتعلق بسياسات التهميش وتوزيع الخدمات التي تستأثر به مدن المراكز والمحافظات وتعاني منه تلك البلديات ألمجاوره ، وهو تهميش لم يتعد الخدمات فحسب بل وتعداها إلى ضعف رموز وقوى كانت إلى حد قريب صاحبة قرار وفعل تقلصت تلك الفعالية وضعفت في مواجهة قوى ونفوذ أهل المركز ، مما يعني المطالبة " بالاستقلال " وتطوير بلداتهم بعيدا عن سطوة المراكز ، الى جانب ذلك هناك عوامل أخرى تتعلق باستجابة الحكومة لضغوطات فصل بعض البلديات عن المراكز ورفض مطالبات فصل أخرى تبعا لقوة المطالبين بالفصل ونفوذهم ! فأوقعت الحكومة نفسها في ورطة الاستجابة لمطالب ورفض مطالب مشابهة اعتبرت لدى المطالبين بالفصل ممن لم يشملهم قرار الفصل استمرار ا لسياسة التهميش والإقصاء وخلل في معادلة التوفيق بين مطالب الناس ، وكذلك فأن محاولة ضم عدة مناطق من عمان تمهيدا لنظام الأقاليم الذي تتخبط الحكومة في تنفيذه بسبب المحاذير الكثيرة التي ترافق تلك التقسيمات لن يكون مجديا للحد الذي تفكر الحكومة به سواء على صعيد جلب مشاركة حزبية واسعة للخروج من أزمة المقاطعة الحزبية لبعض القوى او حتى على صعيد رضا الناس وتمثيل مناطقهم بالشكل المطلوب ، ولذلك فأن مدينة عمان وعلى سبيل المثال التي قسمت الى 8 مناطق كبرى بحيث تضم كل دائرة انتخابية 3 مناطق سابقة او منطقتين كانتا منفصلتين تماما ، بحيث يستطيع أي شخص قوي أو قوى سياسية أن تسيطر على مجمل المناطق الثلاث التي تم دمجها في دائرة واحدة تبعا لنظام الانتخاب المعمول به لأن الناخب في أي من تلك المناطق يستطيع منح 3 أصوات لمن يرغب داخل الدائرة التي تضم تلك المناطق الثلاث ، مما يعني سطوة تيار او فئة على مجمل تلك المناطق وهكذا تسري العملية المتوقعة على بقية المواقع ، ويشاع الآن أن احد المتنفذين الذين شاركوا في انتخابات مجلس الأمانة لعدة مرات ينوي ترشيح مقربين له في مناطق المدينة وزهران لما يمتلكه من قوة ونفوذ وجماهيرية يستطيع فيها السيطرة على تلك الدائرة بشكل واضح والتصويت لهم وحرمان أهالي بقية المناطق في زهران والمدينة التي يتعدى سكانها ال 250 ألف نسمه من التمثيل في مجلس أمانة عمان الذي يفتقد للتوازن والتمثيل الحقيقي لجكوع سكان تلك المدينة !
وعلى صعيد مشاركة بعض الأحزاب ذات الفعالية الواضحة في الحياة العامة للبلاد فلا يبدو انها تنوي المشاركة و لا زالت تعلق مشاركتها بشروط معالجة بقية قوانين الانتخابات الأخرى واستقلالية الإشراف على الانتخابات من قبل حكومة أخرى تثق بها ، وكذلك فأن إعلان تيارات الحراك في العديد من المناطق مقاطعة الانتخابات وربطه بمجمل الإصلاحات التي ينادون بها بعيدا عن تجزئة الحلول سيؤدي الى تعميق ألازمة كذلك وستتمكن من تحقيق إنجازات أخرى على أكثر من صعيد ، كل هذا يستدعي العمل بسرعة لتجاوز أزمة يمكن تداركها دون عناد بإجراء الانتخابات البلدية المبكرة التي قد تضاعف وتعمق من الأزمات التي تواجهها البلاد وتؤسس لمقاطعة أخرى في الانتخابات البرلمانية التي يبدو أنها تتخلف في موقعها في قائمة الاولويات لدى الحكومة !
فهل إجراء الانتخابات البلدية في ضل الصورة والمشهد الحالي يبشر بقرب الخروج من الأزمات وتحقيق مطالب
الناس ام انها تعمق الهوة بين الدولة والمجتمع ! .