يهود يحرقون مسجدا في الجليل في مناخ محمل بالعنصرية

أقدمت عصابات إرهاب يهودية فجر أمس، على إحراق مسجد النور في قرية طوبا الزنغرية، في أعالي جبال الجليل، شمال فلسطين 48، وكتب المجرمون على جدران المسجد الخارجية عبارات عنصرية اضافة إلى عبارة "شارة ثمن"، كتلك التي يستخدمها المستوطنون الإرهابيون في الضفة الغربية عند ارتكاب جرائمهم المشابهة هناك.
وفور انتشار النبأ تنادى أهالي القرية، الذين حاولوا انقاذ ما يمكن انقاذه من المسجد الذي احترق كليا، وأتت النيران على نسخ المصحف الشريفة والأثاث.
وقال مؤذن المسجد عثمان الهيب: لا نعلم من الذي يقف وراء هذا العمل الإجرامي. المسجد احترق كليا ولم يبقَ منه شبر واحد، ناهيك عن الكتابات العنصرية على جدرانه. وأكد: اننا لن نسكت على هذا العمل، وسنبقى وراء القضية حتى نصل إلى الفاعلين، علما أن المسجد هو الوحيد داخل القرية". وقال أهالي القرية، إن الكتابات العنصرية تشير إلى أن الفاعلين يهود عنصريون.
وعلى الفور أعلن أهالي القرية الإضراب الشامل، ونظموا مظاهرة غاضبة نحو الطريق العام، على مقربة من قرية "الخالصة" الفلسطينية المدمرة، الجاثمة على أراضيها حاليا مستوطنة "روش بينا". وواجهت الشرطة الاسرائيلية وقوات ما يسمى بـ"حرس الحدود" المظاهرة بوحشية والقت عليها قنابل مسيلة للدموع، واطلقت النار في الهواء.
وقال قائد الشرطة الإسرائيلية في المنطقة، إن الشرطة تلقت أوامر بمنع المتظاهرين من الوصول إلى الشارع القريب من المستوطنة. وزعمت الشرطة لاحقا، إنها نفذت اعتقالات لمشتبهين بجريمة احراق المسجد.
وطوبا الزنغرية تقع قرب مدينة صفد، التي يتمركز فيها أحد اشد حاخامات اليهود عنصرية، واصدر في الآونة الأخيرة عدة فتاوى عنصرية ضد العرب بشكل عام، لذا، وهو ما يعزز شكوكا في أن الإرهابيين خرجوا من بؤر ومعاهد دينية تحت سيطرة الحاخامات العنصريين في المنطقة.
وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، على جريمة احراق المسجد، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اصدار بيان إلى وسائل الإعلام، قال فيه، إنه أجرى اتصالات برئيس جهاز المخابرات العامة "الشاباك"، وأوعز إليه بالعمل على رصد المسؤولين عن جريمة إحراق المسجد في قرية طوبا الزنغرية في الجليل الأعلى.
وجاء في بيان نتنياهو على موقع الانترنت التابع لمكتبه، وبلغة غير مألوفة، لقد "استشاط رئيس الوزراء غضباً عند مشاهدته صور المسجد المحترق مؤكداً أن هذا العمل يتناقض مع قيم دولة إسرائيل التي تضع حرية الأديان والعبادة في صدارة قيمها العليا. وقال رئيس الوزراء إن هذه الصور تقشعر لها الأبدان وهي لا تليق بدولة إسرائيل على الإطلاق".
كما انضم إلى بيانات "الاستنكار" الإسرائيلية، رئيس الكنيست رؤوفين رفلين، في حين أن أحد نواب عصابات المستوطنين، ويدعى اوري أريئيل، الذي زعم أنه يرفض الجريمة، قال إنه في مرات سابقة جرى اتهام عناصر اليمين الإسرائيلي ليتبين لاحقا أنهم ليسوا هم من نفذ الجريمة، ومثل هذه المزاعم لم تحدث.
وأصدرت مختلف الفعاليات والأحزاب والشخصيات الناشطة بين فلسطينيي 48، بيانات استنكار وتنديد، محذرة الحكومة من غض النظر، والتساهل مع عصابات الإرهاب.
وأصدرت لجنة المتابعة العليا لقضايا فلسطينيي 48 بيانا، اعتبرت فيه، ان هذه الجريمة انعكاس لنهج المؤسسة الإسرائيلية التي تغذي العنصرية في الشارع الإسرائيلي، في ظل استفحال الفاشية ضد الفلسطينيي، ومنها التحريض الذي شهدته مدينة صفد ضد الطلاب العرب الدارسين في كليتها.
كما أصدر اتحاد رؤساء البلديات والمجالس القروية لدى فلسطينيي 48 بيانا، جاء فيه، "ان إحراق جامع طوبا الزنغريّة يشكل ضوءا أحمر أمام متخذي القرار في إسرائيل ويهدّد مجمل العلاقات اليهودية-العربية في الجليل، ويعتبر مسًّا فظًّا للمشاعر الإنسانية والوطنية والدينية، نستنكر هذه الجريمة بشدّة، ونطالب بالكشف الفوري عن المجرمين وتقديمهم للمحاكمة السريعة".
واضاف الرؤساء في بيانهم، "ان هذه الجريمة تأتي على أرضية سياسة التمييز العنصري والتحريض ضد العرب والمسلمين قبل المؤسسة الإسرائيلية، وهذا ناقوس خطر يجب تداركه قبل فوات الأوان".
وفي غزة، نددت حركتا فتح وحماس بجريمة إحراق المستوطنين مسجد قرية طوبا في الجليل الاعلى، ووصفتا الجريمة عملاً إرهابياً، ومؤشرا على نشوء دويلة المستوطنين العنصرية داخل إسرائيل لافتة، الأمر الذي تؤكده الشعارات ذات المضمون العنصري الانتقامي التي يتركها المجرمون اثر كل عملية إرهاب من هذا النوع.
واتهمت حركة فتح حكومة الاحتلال بتشجيع هذه الأعمال تمهيداً لتنفيذ مخطط تهجير جديد ضد الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه التاريخية.
ورأت الحركة باستهداف المستوطنين لدور العبادة من مساجد وكنائس محاولة ممنهجة لتأجيج نار الصراعات الدينية في المنطقة، مؤكدة أن إرهاب المستوطنين سيجذر الفلسطينيين في أراضيهم وبيوتهم وقراهم ومدنهم.
من جهتها اعتبرت حركة حماس ومعها حكومتها المقالة جريمة إحراق مسجد قرية طوبا دليلا على حالة العنصرية المتصاعدة والخطيرة داخل الكيان الإسرائيلي التي تهدد الوجود الفلسطيني، والمحمية من شرطة الاحتلال وجيشه الإرهابي".
وقالت الحكومة المقالة بلسان الناطق باسمها طاهر النونو "ان هذا التجرؤ على بيوت العبادة والانتهاك الصارخ لأبسط القيم الإنسانية وقواعد السلوك الآدمي لم يكن ليتم لولا الموافقة والمباركة من قبل حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، وتوفر الغطاء السياسي من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وعجز المجتمع الدولي عن محاكمة مجرمي الاحتلال".
ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية الفلسطينيين  داخل الأراضي المحتلة  العام 48 ووقف جرائم الاحتلال تجاههم وبيوتهم ومساجدهم وأراضيهم.