الفساد في زمن الإصلاح

تعبت أسماعنا من كثرة ما سمعنا وقرأنا وعلمنا من قضايا الفساد التي عانى منها المواطن الأردني وما زال والتي أنهكت وأهلكت موازانات البلد المتتالية، والتي قد تم تحويل العديد منها إلى هيئة مكافحة الفساد وإلى النائب العام وإلى الجهات المختصة، وقد سمعنا الكثير من النوايا الحسنة والوعود الرنانة الجميلة بأن هذا هو وقت الإصلاح وأنه لا رجعة عنه وأنه سيشمل كل مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، الحديث عن الإصلاح شيق وممتع وجذاب ولكن الأجمل والأمتع والأصدق هو تطبيق الكلام عمليا ليلمس الناس أثر ذلك على أرض الواقع.

      في بلدنا الحبيب مسلسل القرارت الخاطئة مستمر وأي مشروع إصلاحي أو خدمي  تفرح عندما يبدأ الحديث عنه، تشعر في كثير من الأحيان بالأسى لما يلحقون به من عيوب وثغرات في نهاية المطاف، نوقن تماما أن الفساد موجود وأن هناك نية حقيقة للإصلاح ولكن أعظم وأخطر وأشد ما نعاني منه ويمتعض منه كل غيور على هذا البلد أن يقع الفساد في هذه الأيام أي فساد في زمن ثورة الحديث عن الإصلاح، فكيف يمكن تقبل هذا الأمر؟! وهو مشين في أي وقت حدث، فكيف إذا وقع في وقت يتكلم فيه الجميع بلا إستثناء عن الإصلاح؟!.

      نحن نحارب الفساد وأهله قبل الثورات وقبل الفيس البوك وقبل حلف الناتو، وقد كتبت وغيري الكثير من المقالات التي لم ولن أجرؤ على الكتابة فيها هذه الأيام لأنني أكره القضبان وأسر الحرية والتي سيكون مآلي إليها لأنني لا أملك مبلغ الثلاثين أو الستين ألف التي ستفرض علي، كتبنا عن الفساد لأننا نعرف أن نتيجته ستكون وخيمة على البلاد والعباد ولكن للأسف لا يسمع الكثير من مسؤولينا إلا ما يشاؤون، مع أن أكثر الكتاب والسياسيين الوطنيين  الغيورين على مصلحة هذا البلد هم الذين كانوا يكتبون بلا أجندات خارجية ولا شعارات حزبية ضيقة وبدون مقالات مدفوعة مسبقا، فالهدف كان حماية الوطن وأهل البلد، ولكن الأمر اختلف نوعا ما هذه الأيام فربما تجد معظم الذين يهاجمون الفساد فاسدون للأسف ويريدون أن يشوهوا ويطعنوا بسمعة كل رجالات الوطن حتى يفقد المواطن ما تبقى من ثقة واعتزاز بأي مسؤول تسلم أمانة المسؤولية يوما ما حتى وإن كان يقطر إخلاصا وتفانيا ووطنية، الطعن بالأشخاص ولا أتحدث هنا عن قانون اغتيال الشخصية الذي أثار الجدل مؤخرا، ولكن أردت أن أبشر الفاسدين وألفت نظرهم إلى أن الشعب الأردني بوعيه وثقافته أصبح يميز بين الفاسد والمصلح وبين من يتكلم ومن يطبق، فزمن الشعارات ولى دون رجعة.

      حب الوطن والحرص على أمنه واستقراره وعشق ذرات ترابه خط أحمر وعريض وممنوع الإقتراب منه أو حتى الحوم بالقرب منه، ولكن حب الوطن يعني الخوف على البلد وعدم التفريط بمقدارته وثرواته والتي يأتي أكثرها من الهبات والمساعدات والتي تحملنا الكثير والتي تؤثر في كثير من الأحيان حتى على بعض القرارت التي تتخذها حكوماتنا، الفساد في هذا الوقت لعب بالنار؛ لأنه ما كان يمر قبل بضع أشهر بسهولة وفي كثير من الأحيان دون أن يشعر به أحد أصبح من الصعب أو حتى من المستحيل أن يمر في هذه المرحلة، فليتحمل كل واحد منا مسؤوليته تجاه وطنه وليتق كل منا رب العالمين وليفكر بكل خطوة أو فعل ألف ألف مرة قبل الشروع به إن كان سيلحق الأذى ببلدنا الحبيب أم لا.

      حمى الله الأردن بلدي وأسأله جل جلاله أن يحفظ جميع بلاد المسلمين وأن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم ويهيأ لهم الأفضل ويبعد عنا شر الحروب والفتن ويرزقنا مخافة منه تبعدنا عن كل شبهة فساد سواء أكان فساد أخلاقي أو سلوكي أو إجتماعي أو وظيفي أو أيا كان وأن يجعلنا نستشعر عظمته في كل وقت وحين فهو حسبنا ومولانا ونعم النصير.  

 

Abomer_os@yahoo.com