هل بيل غايتس اشتراكي؟

اخبار البلد-

 

بيل غايتس من أغنى رجال العالم، إذ يملك مايكروسوفت وتقدر ثروته بمائة وعشرين مليار دولار، جمع ثروته في كنف النظام الرأسمالي، وبالتأكيد هو ليس اشتراكياً، على الأقل ليس بالمفهوم السائد للاشتراكية.
أتابع منذ فترة بعض النقاشات التي يشارك بها بيل غايتس، بالإضافة للملياردير وارن بفت وشارلز مونغر وهم من أغنى أثرياء العالم. النقاش الذي يشاركونا به يتمحور حول بعض مشاكل الرأسمالية ومستقبل النظام الرأسمالي بشكل عام.
يجادل بيل غايتس وزملاؤه بأن الطريقة التي يدار بها النظام الرأسمالي تؤدي الى تراكم الثروة لدى فئة قليلة جداً من المجتمع، ونتيجة لذلك فهناك عدم مساواة بالدخل والثروة، وأن الفجوة في عدم المساواة كبيرة جداً، ليس فقط بين أفراد المجتمع الواحد، ولكن أيضاً بين المجتمعات المتقدمة وبقية المجتمعات في العالم، أي أن هناك عدم مساواة داخل الدولة الواحدة، وعلى المستوى العالمي.
كذلك، من الانتقادات المهمة التي يوجهها للنظام الرأسمالي هو أن الشركات لا تهتم إلا بمساهميها، وأن الإدارات لهذه الشركات لا تهتم إلا بزيادة أرباح المساهمين، وأن ذلك في بعض الأحيان يكون على حساب المجتمع ككل، وعلى حساب الموظفين بهذه الشركات، وأن كثيرا من الناس العاديين لا تتوفر لديهم مهارات السوق التي تمكنهم من الحصول على وظائف تدر عليهم دخلاً معقولاً.
وباختصار، فإن النظام الرأسمالي أدى الى انقسامات كبيرة في المجتمع بين المؤن الكبيرة والصغيرة وبين المتعلمين وغير المتعلمين ، وبين الدول الغنية والفقيرة.
لذا، يستنتج هو وزملاؤه بأن الوضع الحالي للنظام الرأسمالي ليس صعباً، ولا بد من إيجاد الحلول لهذه المشاكل.
قد يكون هذا ما يفسر المبالغ الضخمة والتي تتجاوز العشرة مليارات التي يخصصها بيل غايتس، وكذلك زملاؤه للأعمال التنموية والخيرية والصحية، وبخاصة في دول العالم الثالث.
هذه الانتقادات، وإن لم تكن بنفس الدرجة من الحدية التي توجهها الاشتراكية للنظام الرأسمالي، فهي تشترك معها خصوصاً في التركيز على مسألة عدم المساواة وضعف العدالة الاجتماعية من النظام الرأسمالي، وهو أيضاً يشترك ولو نسبياً مع الانتقادات التي وجهها كارل ماركس للرأسمالية، وإن كان الأخير أكثر حدة وعمقاً وأكثر راديكالية، ولا وجه للمقارنة بينهما من حيث المبدأ.
بيل غايتس يؤكد أنه لا يوجد نظام اقتصادي بالعالم وعبر التاريخ استطاع أن يحقق النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي والابداع الذي حققه النظام الرأسمالي. وبالتالي فهو مؤمن بالنظام الرأسمالي ولا يشارك الاشتراكيين نظرتهم لمستقبل النظام الرأسمالي.
بيل غايتس يعتقد بأنه من الممكن أن يتم اتخاذ بعض الاجراءات التي تخفف من وطأة التفاوت بالدخل والثروة والتخفيف عن الفئات المحرومة ومساعدتها. الحل بالنسبة له يكمن بالضرائب، فهو يدعو لفرض ضرائب كبيرة على الثروة، وليس فقط على الدخل، ولكن على الاغنياء أو كبار الأغنياء، واستخدام هذه الأموال لمساعدة الفئات العريضة في المجتمع. كذلك، فهو يقترح توسيع المساحات بالشركات لأفراد من الطبقات الصغيرة وأيضاً للعمال بهذه الشركات.
وارن بفت يذهب أبعد من ذلك، فهو يعتقد بأنه لا يمكن تغيير سلوك النظام من تلقاء نفسه، ولذلك لا بد أن تتدخل الحكومة أو الدولة في عملية إدارة النظام الرأسمالي، وذلك من خلال القوانين والتنظيم من أجل إدارة أفضل للنظام، وإلا سوف يحصل ما لا يحمد عقباه.
بغض النظر عن الحلول المقترحة، والتي من المنطق ألا تكون جذرية بسبب الموقع الذي يشغله هؤلاء الناس، ولكن نقدهم للنظام الرأسمالي هو في غاية الأهمية لأنه بالرغم من استفادتهم من النظام إلا أنهم يوجهون الانتقاد له.
بالرغم من الاشتراكية يسعون لتغيير النظام واستبداله بنظام آخر، إلا أن بيل غايتس يعتقد أن الرأسمالية يجب إدارتها وليس تغييرها أو هزيمتها.