انتخابات بغير تعديلات على القانون

اخبار البلد-

 
كلما اقتربت نهاية الدورة البرلمانية الاخيرة، او كلما صدرت اشارات من دوائر خاصة، او دار حديث في صالونات سياسية، او ظهر توجه معين لدى عديد من النواب، او غير ذلك من حيثيات كثيرة، اتسع النقاش حول الانتخابات النيابية القادمة، وعن احتمالات التقديم او التمديد.

واذا كانت مثل هذه النقاشات تثير اهتمام الناس بالموضوع، فإنها ايضا تصرف الحديث عن الاصلاح السياسي وهو اكثر من ملح، كما أنها تضع بعض المتطلعين الى المشاركة من الافراد او القوى في حيرة، وكأن مجرد التناول للموضوع هو البديل عن التعديل الايجابي او التحسين.

وفي كثير من الدول ولاسيما العالم الثالث منها لا يعني وجود البرلمانات والانتخابات وجود ديمقراطية حقيقية، إلا انها قطعًا افضل من الغياب التام.

كان لقانون 2016م سلبيات كثيرة كشفتها الحوارات والتحليلات في حينه، كما اكدتها الانتخابات، وكشفت عن اخرى، ربما تشكك الجمهور باحتمال وجودها او لم يلحظها نظريا وخاصة المرشحين ثم العديد في قواعدهم وخاصة الاقرباء. واذا شجع عدم المعرفة او عدم اليقين كثيرين على المغامرة والترشح مع التردد لاحتمال الفوز، ومن ثم الاستعداد لتحمل الكلف المترتبة على ذلك، فإن تكرار التجربة بذات الكيفية مستبعد في المرة القادمة.

ومن هنا فإن كلف الحملات الانتخابية ستتضاعف؛ اذ ربما لا يستطيع احد من الطامحين تشكيل قائمة الا اذا تكفل لكل من معه -ما سمي بالحشوة- بتغطية كامل الكلفة، والذي يعني ان المال سيكون هو الحاكم ومعيار النجاح الاول. واي مجلس نيابي سيتشكل جراء هذا الواقع؟! كما سيواجه المرشحون صعوبات اضافية في دفع الناس نحو صناديق الاقتراع وخاصة في بيئات محبطة.

لاشك ان الانتخابات والمجلس النيابي وقبل ذلك المشاركة الواسعة تعتبر متطلبات اساسية للحفاظ على الاستقرار والامن والاستمرار على مستوى الوطن في ظل ظروف متقلبة ومحيط مضطرب وازمات داخلية خانقة في مقدمتها الاقتصاد والعيش الكريم.

ذلك يعني انه ليس من الحكمة في شيء ان يبقى قانون الانتخاب بغير تطوير ايجابي او تقدم ديمقراطي. ربما اصبح ممجوجا الحديث في الاصلاح السياسي وضرورته لغياب التشريعات المطلوبة او بعضها على الاقل، ولافتقاد الاجراءات العملية التي تعكس الارادة الجادة في ذلك لكن ليس لذلك بديل إلا مزيد من اليأس والانكفاء وتفاقم ازمة الثقة.

لقد جرى تغيير او تعديل على قانون الانتخاب مرات عديدة منذ عام 1989م بل ربما لم تجر الانتخابات مرتين متتاليتين بذات القانون الا نادرا، والذي يفهم منه ان اسس بناء القانون والاهداف المراد تحقيقها من خلاله ليست محل توافق وطني او ليست سليمة؛ فكل عدم استقرار يعني وجود عوامل او غايات متضادة او ارادات متناقضة والذي يهدد مصالح عليا للوطن والمجتمع.

وليس الحل بإشغال الناس وخاصة الاحزاب والنخب بتقديم مقترحات او بدائل بعد كل هذه السنين من الاستجابات والمحاولات التي خاضوها.
اذن لابد من رؤية اكثر عمقا وشمولا وادراكا للمصلحة العليا واحتياجات لا بل ضرورات المرحلة .