قراءة فـي «المسار»

اخبار البلد-

 
قد یحتار المرء في تصنیف كتاب الأستاذ الدكتور أحمد البشایرة الذي أصدره بعنوان «المسار.. سیرة ذاتیة.. مذكرات.. خواطر» ھل ھو كتاب مذكرات أعدھا وأصدرھا صاحبھا وقد تجاوز الثمانین من عمره، مما یدل على علو الھمة، وعلى أن العطاء لا یقاس بعدد السنین بل بالإرادة والتصمیم على ممارستھ، مھما تقدم بنا العمر، حیث یقدم صاحب كتاب «المسار» مثالاً على ذلك فما زال الرجل یحتفظ بذاكرة متقدة، وعزیمة ماضیة وأناقة بادیة، مثلما كان .علیھا أیام الشباب وانعكست على أسلوبھ في الكتابة، كما ھو واضح من كتاب المسار ّ حملھ صاحبھ وھو التربوي العریق الكثیر من القیم والقواعد التربویة، كما یصلح الكتاب على أن یكون كتاباً تربویاً یصلح كمصدر من مصادر التأریخ لتطور التعلیم في الأردن، منذ أیام الصفوف المجمعة لندرة المدارس وقلتھا، إلى مرحلة انتشار المدارس في كل بقعة، وصولاً إلى الجامعات مروراً بكلیات المجتمع، وقبلھا المدارس الریفیة، ودور المعلمین، ومعاھد تأھیل المعلمین، ومثلھا تطور المناھج والجدیة التي كانت تؤخذ بھا قضیة المناھج، وقبل الاھتمام بالمدارس ومبانیھا وبالمناھج ومعانیھا كان الاھتمام الأقصى بالمعلم وإعداده وتأھیلھ لرسال?ه، لیكون مربیاً وقدوة، .فقد تحدث الكتاب عن كل ذلك وغیره مما لھ علاقة بتطور التعلیم والكتاب ینفع كذلك كمصدر لمعرفة حجم التطور في البنیة الإداریة للدولة الأردنیة، منذ الأیام التي كان فیھا للمختار سلطة ونفوذ وصلاحیات واسعة، ثم عندما صار الموظف وقبلھ القائد الإداري یخضع لدورات تدریب وتأھیل، حتى .أیامنا ھذه التي صارت فیھا الحكومات تتحدث عن غیاب ولایتھا العامة كذلك یقدم الدكتور البشایرة في مذكراتھ صورة متكاملة عن الحیاة الاجتماعیة الأردنیة بأبعادھا المختلفة، كیف كانت أفراحنا وأتراحنا، وكیف كانت مواسم حصادنا، وكیف كانت ألعاب أطفالنا، وقبل ذلك كیف كانت بیوتنا في مبانیھا ومعانیھا، مما یجعل من الكتاب مرجعاً لدارسي الاجتماع وتطوره في بلدنا، كذلك للواتي یتحدثن عن دور المرأة .الاقتصادي الذي تضمن الكتاب وصفاً متكاملاً لھ ولم یكن من الطبیعي أن تصدر مذكرات رجل ناشط مثل الدكتور أحمد البشایره، دون أن تؤرخ للكثیر من المحطات السیاسیة التي عاشھا خاصة تلك المتعلقة بفلسطین التي حضر سقوط ضفتھا الغربیة في براثن الاحتلال عام 1967، یوم كان مدیراً لمعھد إدارة الأعمال في بیت حنینا، وكیف واصل عملھ وتحریض طلابھ وزملائھ على الثبات فوق أرضھم، وكیف اعتقلھ الاحتلال، بالإضافة إلى الكثیر من المحطات التي لھا علاقة بفلسطین، مثلما تحدث الكاتب عن .الصراع بین جمال عبد الناصر والإخوان وغیر ذلك من الأحداث السیاسیة كما أسلفت فإن المرء یحتار في تصنیف كتاب «المسار»، ھل ھو كتاب مذكرات أم كتاب تربوي أم ھو كتاب تأریخ، .ففیھ من ذلك كلھ، وقد صاغھ صاحبھ صیاغة أدبیة تربویة بعقل مفكر مؤرخ فاحص لذلك فإنھ كتاب یستحق أن یقرأ.