التواصل الاجتماعي والتصدي للتنمر الإلكتروني

...... في عصر العولمة باتت ظاهرة استغلال الأطفال والمراهقين عبر الإنترنت واقعا ملموسا يعاني منه الملايين من الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت دون أن يكون لديهم الوعي والدراية الكافية بكيفية التعامل مع الغرباء وبروتوكول استخدام الشبكة في حين تجنى بعض العصابات الإجرامية من وراء هذه التجارة مليارات الدولارات .. الأمر الذي دعا البعض للقول إن تثقيف الأطفال بشأن الاستغلال الجنسي ‏‏"واجب لا تقل أهميتة عن تقديم الطعام يومياً إلى الأطفال كي يتمكنوا من البقاء".



ومنذ نحو 6 سنوات ، وخلال تواجدي في العاصمة الصينية باكين ، أصدرت حكومة إقليم تشونج كنج في جنوب غرب الصين قانونا يمنع الكبار من الاطلاع على ما تحويه كومبيوترات اليافعين وأجهزة التليفون المحمولة ويحظر القانون على الكبار، بمن فيهم افراد العائلة، التطفل أو التلصص على مراسلات البريد الالكتروني لأبنائهم وبناتهم من اليافعين أو رسائلهم النصية أو دردشاتهم على الإنترنت أو تاريخ ما تصفحوه على الشبكة.



ورغم ان الصين ، والتى تمتلك أكبر قاعدة لمستخدمي الإنترنت ولديها أكثر من 200 مليون مراهق يستخدم الإنترنت ، معروفة بإجراءاتها المشددة لرقابة الإنترنت ، بذريعة حماية الأخلاق العامة والحفاظ على الأمن القومي ، إلا أن هذا القانون يعتبر غير مسبوق على مستوى العديد من دول العالم ، المتقدم والنامي ، والتي كنا نأمل أن يتبعها مزيد من الاجراءات التنظيمية من جانب كل الجهات المعنية بتطبيق مفهوم " الإنترنت الآمن " وتأمين فضاء الإنترنت ولاسيما في ظل تزايد الدور الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي " الفيس بوك واليوتيوب وإنستجرام وتويتر " حاليا في حياة مستخدمي الإنترنت خاصة أولادنا وأن نفتح الباب أمام التوعية بثقافة الاستخدام الأمثل للكمبيوتر بدلا من إتباع أسلوب الرقابة الأمنية لجميع ممارسة الأبناء .



وفي هذا الإطار كشفت منصة "إنستجرام " عن طرح وسائل جديدة للتصدي لظاهرة التنمر الإلكتروني، والتي ترتكز على فهم عميق للطرق التي يتم بها التنمر، وكيفية استجابة الأفراد للتنمر وتستخدم منصة إنستجرام منذ عدة سنوات تقنية الذكاء الاصطناعي لتقصي محاولات التنمر الإلكتروني، أو أي محتوى يهدف لإلحاق الأذى بمستخدميها، سواء كان ذلك من خلال التعليقات أو الصور أو مقاطع الفيديو.



وفي الأيام القليلة الماضية، بدأت في طرح خاصية جديدة مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي تقوم بتنبيه المستخدمين بأن تعليقهم يُعتبر مهيناً أو غير لائق، وذلك قبل نشره ويتيح هذا التدخل لمستخدمي إنستجرام فرصة التراجع عن وضع تعليق غير لائق، كما يُجنب وصول إشعار هذا التعليق للمتلقي.



حيث أظهرت الاختبارات أن هذه الخاصية قد شجعت بعض الأشخاص على التراجع عن تعليقاتهم المسيئة ومشاركة شيء آخر غير مسيء بمجرد أن أعادوا التفكير في تعليقاتهم وبالإضافة إلى تحديد طرق التنمر الإلكتروني والتخلص من هذه الظاهرة على منصتها، فإن إنستجرام تعمل أيضاً على تمكين مجتمعها من مواجهة هذا النوع من السلوك كما تخطط المنصة لتقديم خاصية جديدة تتيح للأشخاص استخدام إنستجرام دون وصول إشعار لشخص محتمل أن يكون متنمراً.



وفى تصورى أن الجيل الجديد من الأبناء أصبح ، بحكم الواقع والاحتكاك ، أكثر خبرة من الإباء فى عمليات استخدام الكمبيوتر والانترنت والتليفون المحمول ومن ثمة فهم أقدر على إخفاء البيانات والمعلومات التى لا يريدون إطلاع احد عليها ، وبصفة خاصة آباءهم ، ومن ثمة فإن البديل العملي لذلك يجب أن يتم من خلال غرس ثقافة الاستخدام الأمثل للوسائل الالكترونية بحيث يمارس الأبناء نوعا من الرقابة الذاتية على أنفسهم وذلك على قناعة منهم بضرورة تعظيم الفائدة من الأدوات التكنولوجية لتطوير مهاراتهم الشخصية .



نأمل أن يتبنى جهاز تنظيم الاتصالات بالتعاون مع شركات تقديم خدمات الاتصالات والإنترنت ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت والمؤسسات التعليمية ووزارة الأسرة والسكان مبادرة مجتمعية لإصدار دليل إرشادي يستهدف توعية الأطفال بالاستخدام الأمثل للأدوات التكنولوجية وذلك باعتباره عنصرا مكملا لمبادرة " حماية الأطفال من الاستغلال على شبكة الانترنت " ، والتي أطلقت منذ عدة سنوات ، وذلك حتى لا نفاجأ بظهور أمراض جديدة لأطفالنا وشبابنا بسبب إدمان الإنترنت إذ تعاني بعض الدول ومنها الصين من مرض إدمان الأطفال على الإنترنت .



وستبدأ إنستغرام قريباً في اختبار خاصية تقييد التفاعل، وذلك لحماية حسابات مستخدميها من التفاعلات غير المرغوب فيها.



وبمجرد تقييد المستخدم لتفاعل شخص ما، ستكون تعليقات ذلك الشخص على مشاركاته مرئية لصاحب الحساب فقط.



ويمكن لصاحب الحساب اختيار أن تصبح تعليقات الشخص المقيد مرئية للآخرين، عن طريق الموافقة على إظهار التعليق.



ولن يتمكن الأشخاص المقيدون من رؤية وقت نشاطك على إنستجرام، أو عندما تقرأ رسائلهم المباشرة.



وتأتي الفكرة من الخاصة الجديدة بسبب تردد الشباب في منع أو مطاردة أو الإبلاغ عن المتنمرين، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الموقف، خاصة إذا كانوا يتعاملون مع المتنمر على أرض الواقع.



وتعليقاً على هذه الأدوات الجديدة، قال آدم موسيري ـ رئيس إنستجرام: يتمثل دورنا في ربط المستخدمين بالأشخاص والأشياء التي يحبونها، ولن يتم ذلك إلا في حال إذا ما شعر الناس بالارتياح في التعبير عن أنفسهم عبر إنستجرام، ونحن نعلم أن التنمر هو تحدٍّ يعاني منه الكثيرون، خاصة الشباب، ونحن ملتزمون بأن يكون لنا دور ريادي في مكافحة التنمر الإلكتروني، الأمر الذي دفعنا إلى أن نراقب باستمرار التجربة الكاملة التي تقدمها إنستجرام للوفاء بهذا الالتزام.



وأضاف "من مسئوليتنا خلق بيئة آمنة للتواصل على إنستجرام، ولطالما كانت هذه إحدى أهم أولوياتنا لوقت طويل، ونحن مستمرون في الاستثمار في فهم هذه الظاهرة ومعالجتها بشكل أفضل، وسنطلعكم على المزيد من التحديثات في القريب العاجل" .
... منقول عن مقالة للاستاذ فريد شوقي