الرد الإيراني سيكون مفاجئًا

اخبار البلد-

 

هل ستنتقم طهران من واشنطن بعد اغتيال حاجي قاسم ..؟ تحتاج الاجابة الى فهم مسألتين : الاولى كيف تفكر ايران وماذا انجزت من مشروعها على مدى السنوات الماضية، والثانية طبيعة الرد المتوقع في سياق الحفاظ على هذا المشروع، بحيث يضيف هذا الرد - ان حصل -  الى ارباحها ولا يكبدها اي خسارات لا تحتاجها في هذا الوقت بالتحديد.
 اشير هنا فقط الى منطق ايران في التفكير القائم على  «الحيلة» السياسية، حيث نجحت في مرات كثيرة  بـ»التحايل» للخروج من الازمات، والاستفادة من الوقت، واتنزاع ما يلزم من ادوات لخلط الاوراق وارباك القرارات المضادة، والحيلة هنا لا تختلف عن «الخدعة» سواء كانت في الحروب العسكرية او الصراعات السياسية، كما انها وجه اخر « للتقيه « بالمفهوم السياسي،  ويعتقد الايرانيون انها مطلوبة خاصة اذا بلغ العالم هذا الحدّ من الظلم والتعسف والتجبر على دول معينة لا يريد لها ان تنهض «لا تسأل لماذا؟».
بدأت  طهران بصياغة «استراتيجياتها» منذ انطلاق الثورة «1979» على اساس فكرة «الحكومة الاسلامية العالمية» التي قدمها الامام الخميني، وفق نظرية «تصدير الثورة» إذْ اشار الى الطبيعة «الكونية» لهذه الحكومة والى ضرورة «تعميم» الثورة لتحقيقها،، لكن هذه الرؤية جرى «تطويرها» من قبل مهندس السياسة الايرانية «محمد جواد لاريجاني» وقد كان بالمناسبة من أوائل من دعا الى ضرورة «التقارب» مع امريكا والغرب، وفصل من منصبه بسبب هذه الدعوة، ففي كتابه «مقولات في الاستراتيجية الوطنية» قال لاريجاني إن ايران هي «ام القرى» وبالتالي فانها تشكل «مركزا» للعالم الاسلامي،، وعليه فقط طرح فكرة «التمدد الجغرافي» باعتبار ان نجاح اي «امبراطورية» يعتمد على قدرتها على توسيع حدودها، واطلق على الحكومة المناط بها تحقيق ذلك «الحكومة الاسلامية العملية» .
لكي تتكيف ايران مع طموحاتها الجديدة بدأت في الداخل «بالانقضاض» على المجتمع وحاولت ان تخضعه او تؤهله لتحمل الاعباء المتوقعة لحروب طويلة تحتاج الى جبهة داخلية اقوى وديمقراطية اقل، ثم تحركت في الخارج» للانقضاض» على فكرة العداء التي ترسخت عنها لدى الاخر، سواء بسبب الثورة وما رافقها من شعارات او بسبب النووي الذي اثار الهواجس من حولها، فتوصلت الى اتفاق(1+5) مع الدول الكبرى الذي مهّد الطريق للصفقة الكبرى التي ما تزال معلقة حتى الان، وفي موازاة ذلك كانت ايران انتهت من الانقضاض على العراق بوضع يدها على « السلة « والحكم، ومن لبنان بتتويج حزب الله فاعلا اساسيا في المعادلة السياسية اللبنانية ووكيلا عنها في المنطقة، ومن (حماس والجهاد) بتحالف رفع اسهمها في حربين خرجت منهما غزة بنصف انتصار على الاقل.
جاءت الثورة السورية وكانت (هدية) لايران لكي تتقدم وتضع قدمها في المنطقة، لم تفوت الفرصة بالطبع وانما استثمرتها بشكل لافت، ومع انها دفعت ثمنا اقتصاديا يفوق قدرتها على تحمله (خاصة بعد انخفاض اسعار النفط) الا انها حققت عوائد سياسية مكنتها من الوقوف على اقدام الندية مع اللاعبين الكبار في لعبة الصراع داخل سوريا وعليها، ثم جاءت الثورة اليمنية فاغرتها ايضا بالدخول على الخط من خلال بوابة الحركة الحوثية التي استطاعت بعد عامين ان تكسر اسوار صنعاء وتفرض وجودها على السلطة.
باختصارالرد الايراني، سيكون مفاجئا ومختلفا وخارج سياق كل التوقعات، لكنه سيكون «مرتبا « بحيث لا تخسر ايران ماحققته من مكاسب، ولا تضطر الى ان تتجرع كأس السم مرة اخرى.