حيدر محمود يكتب :نَعم .. مِنْ فوق!!

لا نجدُ حَرَجاً هذه المرّة، في استعمالِ "العبارة"، عند الحديثِ عن "الدستور الجديد"، أو "التعديلات الدستورية" التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني، مِفتاحاً "للإصلاح الشامل"، فلولاهُ لما جاءت بهذا الشكلِ الذي تجاوز كلَّ سُقوف التّوقعات: شعبياً، ونخبوياً، وفي الداخل والخارج – في آنٍ معاً.

ولا داعيَ للحديثِ –هُنا- عن التَّفاصيل، باعتبارها منشورةً في كُلِّ وسائلِ الاعلام.. ولكنْ لا بدّ من الحديثِ عن أَهَميّة مجيئها "مِن فوق!" بمعنى أنّ "رأس الدولة" هُو المُبادِرُ بها، وهو الأشدُّ حرصاً على معالجةِ "الاختلالات" من جُذورِها.. بالدّواءِ الحقيقيّ الشّافي، لا بمجرّدِ "الكَيِّ"..

وإذا كان السَّقفُ عندنا.. هو دستور 52 الذي وَضَعه أبو الدستور الملك طلال -طيب الله ثراه- فقد أَعطانا "دستورُ الملك عبدالله الثاني" 2011، أكثرَ مما توقّعنا بكثير.. ذلك أنّ بين الدستورين العظيمين عقوداً ستةً من الزمان، تغيّرت خلالَها الدُّنيا، وتَبَدَّلَتْ.. وانتقلتْ من قرنٍ الى آخر، يُعتبرُ قَرنَ "التَّحوُّلاتِ" المِفصليّة، وبخاصةٍ في منتقطتِنا العربيّة، التي كانَ لونُ ربيعها أحمر، وظَلَّ "ربيعُنا" نحن مُحتفِظاً بلونِهِ الأَخضر، ولله الحمد، بفضلِ قيادتِهِ الحكيمة، وشَعْبِهِ الطّيّبِ العظيم.. الذي ليس بينَهُ وبين "فَوْقِ" أَيُّ حاجزٍ، لا من إسمنت، ولا من حديد، ولا من سواهما..

ذلك هو السِّرُّ في مُعادلة الحُبِّ المُتبادَلُ بين "ربِّ الأُسْرَةِ" وبين أَفرادِها.. مُنذُ أن تأسّس الأُردنّ الدَّولة.. على يدي الملكِ الشّهيد، عبدالله الاول بن الحسين.. وصولاً إلى سَمِيِّهِ الذي نُبارِكُ لجلالتِهِ هذا الإنجازَ الكبير، ونؤكّدُ له الولاءَ لعرشِهِ ونُجَدِّدُ البيعة أن نكون الأنموذج الرّفيعَ للأمّة: ربيعاً، وَصَيفاً، وخريفاً، وشتاءً.. وحتّى ما وراء ذلك، من فصول.. وكذلك في انْسِجامِ "الفُسيْفساءِ" عندنا، تماماً كانسجامِها في "مأدبا" التي يحجُّ إليها النّاسُ من كُلِّ مكان.. ليشاهِدوا ألوانَها المُدهشة، ويَسْمعوا إيقاعاتِها العبقرية، ويتعلّموا منها دُروسَ الحُبِّ، والإخاء، والتَّسامُحِ، والصَّبرِ، والعطاء.. وكُلَّ القيم النبيلة..

نعم، هُو وحدَهُ الأُردن.. الذي كَرَّمه اللهُ بنهرِهِ المُقدّس، نهرِ الأنبياء، وبآلِ بيتِ النبيّ الهاشميّ الأمين.

ونَعم ايضا "ولا حَرَجَ من تكرارها": الإصلاح الشّاملُ دائماً يأتي "من فوق"!!