سيدي صاحب السّمو الملكي (أبا طلالٍ) المُعظّم: سأفتح عليك النّافذة لِتتسلّلُ إلينا أيّها الضُّوء الشّارد؟
سيدي صاحب السّمو الملكي (أبا طلالٍ) المُعظّم: سأفتح عليك النّافذة لِتتسلّلُ إلينا أيّها الضُّوء الشّارد؟
أتسلّلُ إليكم يا سيّدي لأكتب رسالةً بمناسبة عيد مولدكم الجميل أيّها الجميل، ولعلّها تُعيد إلى أرواحنا ضوءَكم الشّارد، وسأرسلها لتصلكم مدعومةً بحلّةِ حبِّ، ومحشوّةً بكل خير في كلّ عامٍ تجدّدونه بكبرياءٍ وأُنفة فيزهو بكم وعليكم... .
كلّ سنة وأنتم طيّبٌون يا سيّدي...؛ هو عنوان رسالتي، ومثلكم لا عجبٌ في أنّ النّفس تحدّث صاحبها بالخير عنهم دوماً...، ولكم حدّثتني نفسي يا سيّدي بالكتابة كذلك عنكم وإليكم! وكلّي شرف وأنا أكتب الآن...، وأعلم بأنّكم لستم بحاجة لي، ولكنّني شعرت وأشعر بأنّني بحاجة إلى أن أفتح عليكم نافذتكم ليتسلّل إلينا عَبرها ضوءُكم الشّارد...!
نشعر بكم يا (أبا طلال)، فعنّا طالت غربتكم وتعمّقت، فنراكم تصارعون أمواج الحياة بمجدافٍ واحد، فتصرعونها دوماً، وتقسو سامحها الله عليكم أحيانا، نتابع ذلك وقلوبنا تلهث بالدّعاء، وتتوسل للعلي القدير أن يقوّي فيكم يا سيّدي الدّْيِنَ والرّوحَ والبدَن... .
لقد تجاوزتم السّبعين، وفَرَحُنا هو أنّ سنونكم الحنونة تلك تستقبل الآن معكم عامكم الجديد، ولتشعل إليكم الحياة في أعوامكم القادمة سروراً وبهجة، وما زال فرحنا يولد معكما كلّ يوم، فأنتَم لا بدّ وأن تكونوا لنا جميعاً يا سيّدي في أوّل وأوسط وآخر كلّ سنة واقعاً وحقيقة... .
ماذا سأكتب إليكم وعنكم يا سيّدي؟ وهل تسمحوا لي أن أكشف لمحبّيكم بعضاً من أغوار نفسكم التي أحببت، وعرفتها من خلال سفري وعملي بمعيّتكم لأكثر من مرّة ولأيّامٍ وليال؟ فكنت في الظّاهر لا أُخاطبكم إلّا بسمو الأمير...، فهلّا سمحتم لي إنْ خاطَبَتْكُم دواخلي بالضّوءِ الشّارد...؟
السّفر والعمل معكم له طعمٌ خاص، دهشة متعة وانبهار...، فكلّ شيءٍ فيكم جاذبٌ يجذب، ووجدت فيكم البراءة التي دائماً ما تقرّبكم إلى الصّحيح...، ولا بدّ للقريب والمتابع إليكم أن يخرج بانطباعٍ وهو أنّ فيكم لله شيء ...!
ملامحكم البائنة المُحدّدة، و بشرتكم البيضاء المشوبة بلونٍ ورديّ يضفي جمالاً وبريقاً وأناقة، ومخمليّتكم النّاعمة؛ جميعها جعلتني أعلم وأدرك من أوّلِ لقاءٍ بكم بأنّكم مُميّزٌون ولا بدّ أن تكونوا مُختلِفون... .
كلامكم قليل، تجوبون الأماكن بإصرار، في عقلكم الكبير تبحثون عن أشياءٍ وأشياء لا نفهمها، فبحثكم هو عمّا تريدونه أنتم لا ما يُريده الآخرون، تعصون في حياءٍ دون إعلانٍ أو إظهار، عنيدون بصمت، مُعارضٌون بهدوء، ولأنّ فيكم نوبات من الفرح الجميل والغضب السّاكن؛ فلم أنظر إليكم إلّا بحراً وحياةً وفيهما جمال المتناقضات... .
عنادكم الشديد، حساسيّتكم المرهفة، خصوصيّتكم المتناهية والحرص عليها، شعوركم العارم بالتّفرّد والتّميّز، حنانكم...، ورقّتكم الفطريّة العَفويّة؛ هي صفاتٌكم دون أن تُعلِنَ عن وجودها، ولكنّ من يُحبّكم لا بدّ وأن يجسّها فيكم ويحسّها... .
وجَدتكم مُخلصون مع مَن تُحبّون ورأيته يحدثُ منكم دون فخرٍ أو منّة، حبّكم عميق، وكرهكم مجرّد مشاعرٍ عرضيّة ما أن تبدأ إلّا وتتلاشى وتزول، لم أجد في لغاتكم الأربعة المتنوّعة التي تُجيدونها وتتحدّثون فيها بطلاقة أيَّ مُفردة تخصّ المال والنّقود...، إذ ليس لديكم ميزانيّة أو أولويّات...، فما تملكونه اليوم هو فقط لقضاء هذا اليوم... .
من خلال ما سمعته وقرأته عنكم في طفولتكم وشبابكم ومن خلال ما عايشته من بعد معكم رجلاً؛ فلا بدّ أنّكم قد كرهتم منذ صغركم وإلى اليوم كلّ أنواع القيد أيّاً كانت، وأيّاً كان مصدرها...، فرأيتكم تتوغّلون بالحريّة...، تتعمّقون في المُحافظة عليها...، وتكرّسون لها جهدكم... .
مثلكم يا سيّدي يجعل من يتشرّف بالقرب إليكم والعمل بمعيّتكم؛ أن يَحترم نفسه، ويعتزّ بها، ويسعى دوماً للنجاح والمُحافظة عليه... .
منكم تعلّمت أنّ الحياة لا تؤخذ بحدّ سيفٍ، ولكن نسرقها مرّة، ونستأذنها مرّاتٍ أُخرى، ونرغمها مرّة ونهادنها مرّاتٍ ومرّات... .
وأخيراً يا سيّدي؛ فكلّي عذر وأسف أن فتحت عليكم نافذتكم لأسلّم إليكم تهنئتي بعيد ميلادكم الأجمل، ولأطبع على مُحيّاكم الهاشمي قبلة أردنيّة حارّة لا تُنكركم ولا تُخطئكم، والحمد لله أن أسعفني لساني لِأُعبِّر إليكم حال انفجار فرحتي برؤيتكم وأنتم في كلّ عام بألف خيرٍ يا سيّدي...، والسّلام.
المُقدّم المُتقاعد الدّكتور صالح سالم الخوالدة
shahimhamada@yahoo.com