خالد مشعل هرب من الاسئلة الحرجة وتحديدا المتعلقة بالملف السوري وعودة مكاتب عمان بسام البدارين:

بسام بدارين - الاستنتاج الاهم الذي يمكن التقاطه عند التدقيق في خلفية واسرار ولاحقا ظروف الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل لعمان يتمثل حصريا في بروز معطيات ومعلومات تؤكد بوضوح ان التكتم الشديد على الزيارة والتفاصيل والحرص على الالتزام بشروطها شكل الهاجس الابرز عند مرافقي مشعل واصدقائه وحلفائه في الحركة الاسلامية الاردنية.
لذلك سارع القيادي الابرز بين مرافقي مشعل في محطته الاردنية عزت الرشق لاصدار تصريح صحافي يتيم قال فيه بان الزيارة انسانية محضة ولا تنطوي على اي ترتيبات او لقاءات سياسية او اعلامية، وهدفها قيام الاخ مشعل بزيارة والدته المريضة في العاصمة الاردنية.
وعليه تعهد الرشق واربعة اخرون من اقرب الحلقات في الحركة لمشعل ومكتب دمشق بالمهمة اللوجستية التي اصبحت بحد ذاتها هدفا سياسيا مبرمجا وهي بعد اضفاء كل اشكال التكتم عزل زعيمهم السياسي ومنع الفضوليين من الاقتراب من مشعل بمن في ذلك الاعلاميون والسياسيون وحتى الحلفاء الذين لم يتمكن بعضهم فعلا من مصافحة مشعل التزاما بنص الاتفاق المبرم بعد جهد جهيد مع وزير الداخلية الاردني مازن الساكت.
والمهمة لوجستيا لم تكن سهلة كما فهمت 'القدس العربي' فالمئات في عمان يسعون للاستماع لمشعل او مجاملته او مصافحته والغالبية الساحقة من هؤلاء يسعون لتوجيه سؤالين لا ثالث لهما مغرقين في الحرج والحساسية ولا يملك مشعل كما نقل عنه فعلا اجابة مقنعة عليهما: هل تجهزون لعودة مكاتبكم لعمان ومغادرة دمشق؟.. وما هي تقديراتكم وقراءتكم لسيناريوهات مستقبل النظام السوري؟
لذلك هرب مشعل وعدة مرات وبشكل اقترب من الرجاء احيانا من سؤالين من هذا النوع طرحا عليه صراحة ومباشرة من كل من تمكن من التحدث اليه في عمان، وفي احدى المرات قال: ارجوكم لا تحرجوني لم احضر لاغرق في مثل هذه التفاصيل في عمان.
وهو هروب ساعده فيه الوفد المرافق الذي تولى بقيادة حارس مشعل الامين والاقرب عزت الرشق حجب الرجل والتسريبات والقراءات عبر التصدي للهواتف والحاح الاعلاميين ومحاولات الكثيرين في الساحة الساعين للاستماع لما تقوله حماس في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها وتاريخ المنطقة.
عليه تطلب الامر الاعتذار عن تلبية الكثير من طلبات اللقاء مع مشعل وحجب الاتصالات الهاتفية معه واحيانا عدم التصريح بمقر اقامته الا لاجهزة الامن الاردنية بغرض حمايته مع تذكير كل السائلين و'القدس العربي' بينهم بان المهلة التي حظي بها الرجل هي 48 ساعة فقط بسبب الحالة الصحية الحرجة والخطرة لوالدته وبان سقفه الزمني لمغادرة عمان هو مساء الاحد، كما ابلغ 'القدس العربي' موسى العبدللات العضو القيادي في جبهة العمل الاسلامي الاردنية.
لكن ثمة اتصالات خاصة تلقاها الرجل مع شخصيات من المستوى السياسي الاردني وليس الامني خلافا للعادة وقد كانت مباشرة وليس عبر زميله محمد نزال او طاهر المصري كما جرت العادة. وهي اتصالات تؤشر من دون التباس على ان هدف التكتم الشديد لمشعل في عمان والتزامه بتجنب 'السياسة والاعلام' هو 'انجاح' المشروع الذي يبحث فعليا الان باضيق القنوات بعنوان 'دراسة احتمالات عودة قادة حماس للساحة الاردنية'.
وهنا فهمت 'القدس العربي' من مصادر مقربة جدا من مشعل بان الرجل تقصد الموافقة على عزل نفسه بهذه الزيارة وتجنب القاء الخطابات ومقابلة الاعلام خلافا لزيارته الاولى عندما توفي والده حتى لا يبقي اي ذريعة مستقبلا بيد اي شخص او مؤسسة في الاردن تتسبب بمنع 'التواصل'، فعمان لا زالت الخيط الاستراتيجي الذي يسعى مشعل للامساك بطرفه وساحتها الشعبية لازالت محيطا صديقا لمصالح حركة حماس والاهم بديلا عن ساحة دمشق اذا ما تطورت الامور في العاصمة السورية