اليمين الصهيوني يحاول تصدير أزمته

اخبار البلد-

عدد من المقالات التي ظهرت بالصحف الإسرائيلية بالفترة الماضية، والتي لخصتها جريدة هارتس قبل أيام، والتي تؤكد على نوايا ومخططات اليمين الصهيوني ضد القضية الفلسطينية والأردن وقيادته الهاشمية، تأتي ضمن حملة مركزة لمحاولة حل المأزق الإسرائيلي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على حساب الأردن، والذي يتلخص بإقامة وطن بديل للفلسطينيين بالأردن.
هذا الطرح ليس جديدا، فقد كان هذا مشروع حزب الليكود منذ الثمانينيات بقيادة بيغن، ثم شامير وشارون، وحاليا نتنياهو. يتلخص هذا المشروع بحل القضية الفلسطينية من خلال جعل الأردن وطناً بديلاً لهم. المشروع كان يقتضي إفراغ الضفة الغربية من الفلسطينيين ضمن برنامج "ترانسفير” وطردهم للأردن ليشكلوا الغالبية بها، وإقامة الدولة الفلسطينية بالأردن تمهيدا لضم الضفة "الحالية” من السكان لإسرائيل.
لقد عجز اليمين الصهيوني من تحقيق هذا المشروع طيلة العقود الماضية بسبب الصمود الفلسطيني بالضفة الغربية وفشل مشروع ” الترانسفير” فشلا ذريعا. لكن الحلم الصهيوني لم يمت، ولذلك يحاول اليمين الصهيوني الآن تحقيق أطماعه من خلال تقويض الدولة والنظام الأردني، وإقامة نظام يسمح بتنفيذ هذا الخيار وإقامة الدولة الفلسطينية بالأردن.
بداية لا بد من التنويه إلى أن المشروع الصهيوني في مأزق حقيقي، خاصة بعد تقويض اليمين الصهيوني حل الدولتين والتحول التاريخي للشعب الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية نحو التطرف الديني، والذي بدأ يطال أيضاً المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وهذا تطور شديد الخطورة بحد ذاته.
إن تقويض خيار حل الدولتين قد قلص الخيارات أمام اليمين الصهيوني إلى ثلاثة خيارات وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الخيار الأول يتمثل بضم الضفة الغربية بسكانها، ومنحهم حقوق المواطنة السياسية وهو ما يعرف بحل الدولة الواحدة . هذا الخيار مرفوض من اليمين الصهيوني لأنه يعني نهاية حلم الدولة اليهودية مما يجعله خيارا غير واقعي حسب الواقع الديمغرافي الجديد.
أما الخيار الثاني فيتلخص بضم الضفة الغربية، وإعطاء الفلسطينيين مواطنة منقوصة من الدرجة الثانية والذي يعني دولة عنصرية تشبه دول جنوب إفريقيا العنصرية قبل تحريرها، وهذا خيار سوف يجلب المتاعب لإسرائيل يهوديا وعالميا، وبالتالي أيضاً مستبعد.
الخيار الثالث وهو خيار الكونفدرالية مع الأردن بعد إعطاء الفلسطينيين شكلا من أشكال الحكم الذاتي، وهذا الخيار مرفوض بشدة أردنيا وفلسطينيا.
مأزق اليمين الصهيوني بعدم القدرة على إيجاد حل بديل للدولة الفلسطينية ويبقي على عناصر المشروع الصهيوني هو ما أدى لطرح خيار الوطن البديل، وبهذه الصورة والكيفية لقد ساهمت مواقف الملك عبدالله الثاني الواضحة في تعميق أزمة ومأزق اليمين الصهيوني، وهو ما يفسر استهداف النظام الأردني كوسيلة لحل أزمته. المواقف المبدئية للملك عبدالله الثاني والتي لا ترى حلا للقضية الفلسطينية سوى حل الدولتين، وكذلك رفض الكونفدرالية مع كيان فلسطيني أقل من دولة ورفضه للاستيطان وصموده أمام جهود تهويد القدس، ورفض التخلي عن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية هي التي جعلته والأردن هدفاً لليمين الصهيوني.
يقابل هذا الموقف الصلب تراجعا بالموقف العربي الموحد في دعم القضية الفلسطينية، لا بل أخطر من ذلك هو قدرة إسرائيل ونتنياهو على تحقيق اختراقات لدى بعض الدول العربية، واستخدام ذلك كورقة ضغط على الأردن.
إن صلابة الموقف الأردني وحدّة الاختراقات والتراخي العربي هو ما شجع ويشجع اليمين الصهيوني بإحياء مشروع الوطن البديل والمجاهرة به.
بالرغم من عدم واقعية طرح اليمين الصهيوني ووجود عقبات كبيرة تحول بينه وبين تحقيق طموحه، إلا أنه يجب عدم التقليل من خطورة هذا الطرح، وأنه يجب أن يؤخذ على محمل الجد، وأن يعطى الأولوية في السياسة الداخلية والخارجية للدولة الأردنية، وهذا يتطلب وضع خطة أو استراتيجية يجب أن تشمل تمتين الجبهة الداخلية وتحصينها، وثانيا دعم الصمود الفلسطيني على أرضه وبكافة الوسائل ثم التوجه عربيا وإسلاميا ودوليا لإحباط هذا المخطط الخبيث.