خبراء ألمان لحل الأزمة المرورية

اخبار البلد-

 

أعلن وزير الداخلية سلامة حماد عن وجود توجه لدى الحكومة للاستعانة بخبراء ألمان لحل الأزمة المرورية التي تعاني منها العاصمة.
بالتأكيد هذا توجه إيجابي يعكس الإدراك لخطورة الأزمات المرورية والتي أصبحت شبه دائمة وفي كل الأوقات تقريبا وفي أغلب شوارع العاصمة. ولكنه أيضا يتضمن اعترافا ضمنيا بأن الجهات المعنية قد فشلت في إيجاد الحلول لهذه الأزمة مما يتطلب الاستعانة بخبراء لديهم الخبرة الكافية في معالجة هذا النوع من الأزمات.
إن الأزمة المرورية لها أبعاد وجذور تتجاوز مسألة إدارتها، فكلنا يلاحظ يومياً الجهود الكبيرة التي يبذلها رجال ونساء السير والإدارة المرورية عموما في معالجة هذة الأزمة. إن أسباب الأزمة تتجاوز الجهود المبذولة في إدارتها ولا يمكن حلها من خلال تجويد هذه الإدارة فقط ولكنها تمتد لتطال السياسات التنموية والبنية التحتية وغيرها من العوامل.
بداية، عمان العاصمة تعتبر مركزاً وأساسا لكافة الأنشطة والمؤسسات الرسمية والاقتصادية والخدماتية مما يجعلها مقصدا للمواطنين الأردنيين من كافة المحافظات ما يجعلها هدفاً للهجرة الداخلية بالإضافة للنمو السكاني للعاصمة نفسها علاوة على الهجرة الخارجية القسرية كاللاجئين السوريين وغيرهم والتي أدت لزيادة الكثافة السكانية بشكل تراكمي وبالتالي زيادة الحاجة للتنقل داخل العاصمة وخارجها.
أضف لذلك عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من المواطنين الذين يدخلون عمان ويخرجون منها من أغلب المحافظات إما للعمل أو متابعة حاجاتهم ومعاملاتهم.
يوازي ذلك ضعف شديد في المواصلات العامة ذات المواصفات الجيدة والشاملة لكافة مناطق العاصمة والذي جعل الاعتماد على السيارات الخاصة مسألة شبه إجباربة للغالبية العظمى من المواطنين وبالتالي إلى اكتظاظ الشوارع والمساهمة في تفاقم الأزمة المرورية بشكل خطير.
كذلك لا يقل أهمية عما سبق فإن غياب التخطيط العمراني والتوسع العشوائي في المناطق السكنية والتجارية دون شروط ومواصفات محددة والسماح بالأنشطة التجارية في الشوارع الرئيسة حيث يكفي وجود مخبز في شارع رئيسي لتعطل حركة السير في ساعات الذروة وقس على ذلك. هذا التوسع العشوائي في التخطيط العمراني وسوء استعمالات الأراضي يعتبر أبرز المشاكل البنيوية للأزمات المرورية.
على صلة وثيقة بالنقطة السابقة، ضعف تنظيم وترتيب الشوارع حيث السعة والإشارات والشواخص المرورية مما يساهم في زيادة الفوضى المرورية وعدم الالتزام بالقواعد المرورية والمساهمة في فوضى الشوارع التي تعيشها العاصمة وتركيز المخالفات المرورية على المخالفات الثابتة كالسرعة وغيرها، وعدم وجود نظام للمخالفة للتجاوزات والأخطاء المرورية أثناء الحركة.
عمان ليست فريدة في أزمتها المرورية فنفس النمط يتكرر في المدن الأردنية الأخرى: الزرقاء، إربد، الكرك والطفيلة وغيرها من المدن الأردنية ولنفس الأسباب المذكورة أعلاه.
وأخيراً، فإن حل أزمة المرور في عمّان ليست مسألة فنية أو مرورية فقط وإنما هي مسألة تنموية مرتبطة بالتخطيط العمراني والتنموي بالإضافة للقضايا المرورية.
لذا، فإن حل الأزمة المرورية يتطلب مزيجا من سياسات النقل كاللجوء إلى وسائط النقل الجماعية تحت الأرض وفوقها والتخطيط العمراني السكاني المستقبلي بالإضافة إلى سياسة تنموية تضع حدا للهجرة الداخلية للعاصمة وتشجيع الناس للسكن والعمل في مناطقهم.