فيصل الفايز ومواقع التواصل الاجتماعي



قبل ايام كنت اتابع محاضرة رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز في مقر نقابة مقاولي الانشاءات ، والذي تحدث فيها مطولا عن اوضاع الاردن وازمات المنطقة .

الرئيس الفايز الذي اكن له كل الاحترام ، واعلم جيدا وعن قرب هاجسه الاول بالخوف على الاردن بما يتعرض له من هجمات ومؤامرات ، تطرق الى مواقع التواصل الاجتماعي التي نالت منه في غير مكان ، وتجنت عليه اكثر من مرة ، ومفهوم ان لا يكون مرتاحا لكل هذه التجنيات سواء هو او غيره من صناع القرار في الاردن .

لكن هل فرض المزيد من العقوبات او فرض المزيد من التشديد على هذه المواقع سيحل المشكلة كما طالب الرئيس الفايز ..؟ وهل ملاحقة من يتناولون صناع القرار ممكن ان يحل المشكلة ..؟ اجزم وعن تجربة ان فرض العقوبات وملاحقة الناشطين على هذه المواقع لن يحل المشكلة ، لان القضية لها ابعاد تصل الى حد فقدان الثقة بالمسؤول وبمؤسسات الدولة ...!

ان حل المشكلة سهل وبسيط ويمكن تلخيصه بالتالي :

اولا : العدالة بين ابناء الوطن ، فهذه المسألة هامة جدا ، خاصة فيما يتعلق بالمساومة ابتداء بالتعيين بالوظائف العليا الى الصغرى، وحتى التعيين في مجلس الاعيان ، اضافة الى المساواة بين المواطنيين أمام مؤسسات الدولة ، ويعلم الرئيبس الفايز أن في الاردن وظائف لا يصلها جزء كبير من أبناء الوطن تبداء بوزارة الداخلية ولا تنتهي في مؤسسات أمنية بل تصل الى وزارة الخارجية ، وهنالك امثلة عديدة على ما لحق من غبن لبعض الاشخاص المقربين جدا مني ، بل وانا احد النماذج حيث شنت ثلة فاسدة الحرب على لقمة اطفالي دون وجه حق ، ما ادى الى استقالتي من مكان عملي واصبحت عاطلا عن العمل،بالرغم من علم رئيس الوزراء بكل ما حصل معي ولم يحرك ساكنا .

ثانيا :القضاء المستقل عن الاجهزة الحكومية ، فالقضاء المستقل والبعيد كل البعد عن التدخلات الحكومية، هو الضمان لكل مواطن من أجل الحصول على حقه ، ولذلك فان استمرار التعيينات من خلال وصاية وزارة العدل ،هو اكبر تدخل في القضاء ولذلك لابد من استقلال القضاء ماليا واداريا عن الاجهزة الحكومية وعلى أن يتم اختيار كل القيادات القضائية من خلال القضاة انفسهم .

ثالثا : قانون انتخاب : ان استقرار قانون انتخاب قائم على النسبية وعلى الدائرة المفتوحة على الوطن ،هو الحل الوحيد لانتاج مجلس نيابي قوي وقادر على مواجهة التحديات ، ويعبر عن المواطن بشكل صحيح ، فالمجلس النيابي الحالي والمجالس التي سبقته لم ولن تعبر عن المواطن ، حيث أن كل نتائج الافراز للقوانين التي انتجت خلال السنوات الماضية اثبتت ان مجالسنا كانت ضعيفة، ولم تقنع المواطن بانها قادرة على مواجهة تغول الحكومات عليه وعلى مصالحه، طبعا إضافة للقانون كان هناك التدخل الفاضح من قبل الاجهزة الحكومية في الانتخابات ما أدى الى وجود نواب تحت قبة المجلس لا يمثلون واقع وطموح الدوائر التي "انتخبوا "عنها .

 

إن الشعب المحروق على اكثر من خط للمواجهة ، خط البطالة والفقر وخط الواسطة والمحسوبية والجهوية البغيضة التي تنتشر بالدوائر الحكومية ، وخط غلاء الاسعار الجنوني ، الذي فشلت كل الحكومات المتعاقبة في مواجهته أو وضع حلول له نتيجة سياسات السوق المفتوح الظالمة ، وغيرها من الممارسات التي تتم في كل المؤسسات سواء كانت مركز أمني أومؤسسات خدمية ،ومنها مشكلة النقل وحل أزمة السير في ابسط مراتبها ، كل هذه العوامل أدت وتؤدي الى إثارت غضب المواطن ويحوله أحيانا كثيرة الى حاقد على كل ما في هذه الدولة ، خاصة أن المواطن لم يجد ولو لمرة واحدة أي مسؤول في الدولة حاسب مسؤولا واحدا؟كما لم يجد حصارا للاحتكار الذي تمارسه "كارتيلات" النفط التي زج بها في السوق الاردني مؤخرا بقرارما ،فحققت الارباح الطائلة على حساب المواطن، بل وغشته في المواصفات دون أن يتم محاسبتها ..؟ وهذا ينطبق على البنوك التي يعمل المواطن الاردني والدولة لصالحها ، خاصة ان اسعار الفائدة التي قام البنك المركزي برفعها غير مرة كلها صبت لصالح هذه البنوك فحققت من خلالها اموالا طائلة على حساب المقترضين السابقين للرفع واللاحقين ، وبذلك كان البنك المركزي أداة بأيدي هذه البنوك وضد الشعب.

إن صرَخات المواطنين الموجوعينَ ممّن لا رزقَ لهم أو الذين يعملون برواتب بسيطة "وهم غالبية المواطنين" تتأكل مع ارتفاع الاسعار ،ينظرون الى الدولة بعدم الثقة، لانهم يشعرون ان الدولة ومعها "كارتيلات "الاحتكار البنكي والغذائي والنفطي وقطاع الاتصالات وكبار المقاولين ، ومعهم الدولة بأجهزتها، أكلوا ويأكلون مِن صَحنِهم الذي لم يعد يكفيهم بل ذهبوا ابعد من ذلك الى تحميل اطفال الوطن ديونا طائلة ستلازم كل طفل يولد يوميا لعشرات السنين .

ان المطلوب اليوم لحل مشاكلنا هو تغيير النهج القائم على الاستدانة والجباية الضرائبية المجحفة بحق المواطن ،والتوجه نحو الضريبة التصاعدية على الارباح،ووقف نهج الاستيراد المفرط لبعض المنتوجات التي يمكن تصنيعا في الاردن، ورفع الضريبة على المستوردات من الكماليات أو من بعض المنتوجات الزراعية المصنعة مثل العصائر والمعلبات كرب البدورة وبعض الادوية،بحيث لا يخضع اقتصاد الاردن لعبث بعض كبار التجار المستوردين ، وكذلك لبعض الدول التي تضغط لرفع فاتورة التصدير الى الاردن .

إن الاقتصاد الذي يعاني من مشاكل عديدة لا يجب ان يخضع لرغبات المقاولين اصحاب الصوت العالي ،وانت تعلم دولة الرئيس أن المشاريع الحكومية الكبرى والتي تكلف الخزينة مئات الملايين من الدنانير تذهب لمتعهدين كباربعينهم ، وكان من الاولى على هذه الحكومة والحكومات التي سبقتها ، ان تتوجه نحو دعم الزراعة والصناعة الزراعية والصناعة بشكل عام ، حيث أن تغطية إحتياجات السوق المحلي من المنتوجات الاردنية مع وجود فرص للتصدير، ستشكل اقتصادا قويا يوفرعلى الخزينة عملية اللهاث للاستدانة لتغطية فاتورة الاستيراد وتسديد فوائد الدين كما هو حاصل ألأن,اضافة لتوفير فرص عمل للاردنيين .

اما في موضوع العمل فان السياسات التي اتبعت منذ سنوات ، قد حرمت وتحرم الشباب الاردني من العمل ، وخاصة بعد الازمة السورية ، واتخاذ الحكومة قرارا غبيا بالسماح للسوريين بالعمل في الاردن ، خاصة أن هؤلاء الاخوة يتلقون مساعدات من كل حدب وصوب فيما يحرم الشاب الاردني من أية مساعدة ، وهذا الامر جعل الكثير من الشباب ينظرون الى الدولة بأنها دولة معادية لطموحاتهم وحاجاتهم حيث تم إحلال العمالة السورية لرخص اجورها مكان العامل الاردني ، وبالرغم من النداءات بضرورة وقف عمل اللاجئين السورين بالاردن والعمل على إعادتهم لبلادهم ، بالتنسيق مع حكومتهم ، الا ان هذه الحكومة كما من سبقا من حكومات قد رضخت للامريكيين والغرب الاستعماري وبعض العرب ، من أجل عدم إعادة هؤلاء الاخوة الى بلدهم .

إن استمرار توفير الحصانة التي تمنع محاسبة البعض ممن يتجاوزون على المال العام ،وعدم النظر الى مصالح الشباب الاردني اضافة لما ذكر سابقا كلها عوامل مثيرة للغضب الشعبي، وبالتالي فأن لجوء البعض الى رمي الاتهامات جزافا تصبح طبيعية ، ولذلك على المسؤول الاردني أن يتنبه لكل ذلك لتتم المعالجة بصورة صحيحة ، وليس على قاعدة اصلاحات الحكومة الحالية التي ستقوم بزيادة الرواتب بنسب بسيطة لا تغني ولاتسمن من جوع، وفي ظل هذا الارتفاع الجنوني بالاسعار وبغياب تام للحكومة او بتغطيتها للممارسات التي يقوم بها هؤلاء بحق المواطنين .

إن الحلول السريعة موجودة وسهلة إذا فكر المسؤول الاردني بمصلحة الوطن ، وابعد مصلحته الشخصية او مصالح الدول الغربية عن كل القرارات الحكومية ، وبالتالي سنجد ان الانحرافات التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد انتهت او قد فقدت بريقها ، لان البيئة لن تكون مهيئة لمتابعتها او حتى مشاهدتها ، بل فأن الشخص الذي يتهم الان بأنه يرمي الناس جزافا سيخرج لوحده من الميدان.