|
في عام 2007 خاضت جماعة الاخوان المسلمين الانتخابات البلدية والنيابية وكانوا قد وضعوا في حسابهم يومها ان الانتخابات البلدية والنيابية سيشوبها التزوير، لكن لم يتخيلوا ان يكون التزوير في تلك الانتخابات فاضحا الى ذلك الحد الذي حدث.
في عام 2010 كان على الحكومة السابقة ان تختار بين اللجوء الى التزوير بفجاجة او تدفع الاخوان المسلمين الى مقاطعة الانتخابات، وهو ما حدث حينها، وبالتأكيد فان الاخوان المسلمين الذين دفعوا لعدم المشاركة اختاروا مقاطعة انتخابات 2010 وبذلك خدموا توجه الحكومة بابعادهم عن الانتخابات وكان هذا الموقف السلبي من قبل الاخوان يومها يعبر عن تشدد ليس من طبيعة تعامل الحركة مع النظام، واغلب الظن ان الاخوان قد تأثروا بتحريضات من مراكز قوى متجذرة لها حساباتها وارتباطاتها التي عززت نفوذها على مدى اكثر من ثلث قرن، حيث لا زالت مؤثرة، وفي اعتقادي الشخصي فان مراكز القوى كان لها دور اكثر من الحكومة في تزوير الانتخابات الاخيرة في بعض الدوائر الانتخابية، بل انها واجهت الحكومة في هذه الدوائر واسقطت مرشحيها.. الخ.
موضوعنا اليوم هو ان الاخوان المسلمين قد استبقوا هذه المرة موقف الحكومة التي على الارجح لا يسعدها ان يشارك الاخوان في الانتخابات البلدية والنيابية، والبيان الذي صدر عن الجماعة لا يحمل في الحقيقة كما تم وصفه طروحات واشتراطات حول مشاركتهم في الانتخابات البلدية فما طرحه البيان بشكل واضح ومحدد هو رفض المشاركة في الانتخابات البلدية التي تمثل ادارة محلية لا يمكن تحميلها كل الابعاد السياسية الواردة في البيان، والتي تتعدى حتى الانتخابات النيابية والطموح للسيطرة على السلطة التشريعية، فما هو في البيان اوسع من الدور السياسي والمشاركة في السلطة، فقد لاح وكأنه مشروع لامتلاك هذه السلطة وتوجيهها وهو من وجهة نظري غير مقصود الا في اطار ردود الفعل من قبل الجماعة على اندفاع الحكومات مؤخرا بالعمل على تهميشهم واقصائهم وبالتالي استفزازهم، وذلك مفهوم انسانيا، لكن ما يقلقني احتمال ان تكون قراءة كل الاطراف خاطئة وما يقلقني هو ان يكون الموقف الحكومي واقعا تحت تأثيرات قوى لا تريد الخير للاردن كما يقلقني احتمال ان يكون موقف الجماعة يتأثر بمراكز قوى مزاودة ومتاجرة ومشبوهة لا تريد الخير للاردن ايضا.
لكن ما يخيف اكثر هو ان لا تكون كل الاطراف مدركة لاننا نواجه لحظة تاريخية مختلفة وفارقة ودقيقة وحرجة والخشية ان تتوهم اية سلطة في الوطن العربي انها تملك التاريخ والحالة الشعبية وكذلك هنالك خشية ان تعتقد اية معارضة سياسية مؤطرة انها تملك الشارع وتقود الحالة الشعبية.. بينما الصحيح ان الانتفاضة التي عنوانها حقوق المواطنة والحرية والكرامة هي حالة حراك جماهيري تلقائي جماعي غير مؤطر، ولو ان المعارضة بما في ذلك الحركة الاسلامية وهي اقرب لهم من الحكومات التي اطيح بها والاخرى التي تواجه مخاطر هذا التحول فالاخوان ربما نجحوا في ركوب الموجة التي تتجاوز كل اطياف الطبقة السياسية في الموالاة والمعارضة في كل مكان.
وجماع القول.. هو ان اقصى ما نتمنى هو ان نرتفع جميعا الى مستوى التحديات والمخاطر والمسؤولية الوطنية والصالح العام في مواجهة استحقاقات مرحلة صعبة وقاسية، ولا يضيع الله اجر من احسن عملا.
rakan1m@yahoo.com
|