مُباحثات مهمة مع الصندوق

اخبار البلد-

 
المُباحثات التي يُجريها وزير الماليّة الدكتور محمد العسعس في واشنطن مع صندوق النقد الدوليّ في غاية من الأهمية هذه المرّة، لأنها تؤسس لبرنامج هيكليّ جديد مُدتهُ ثلاثُ سنوات قادمة.
نعم نحن هُنا نتحدث عن برنامج جديد مع الصندوق وليس استكمال المراجعة الثالثة للبرنامج الحاليّ الذي تم تعليق المراجعة من قبل بعثة الصندوق وبالاتفاق مع الحُكومة خلال اجتماعهم الأخير في واشنطن الشهر قبل شهرين على ضوء المُستجدات التي طرأت على الأداء الماليّ في الموازنة العامة لعام 2019.
الحُكومة تتفاوض مع الصَندوق على برنامج جديد يأخذ بعين الاعتبار التطورات الماليّة الأخيرة والمُتضمنة مشروع قانون موازنة 2020، والتي شملت عجزاً حقيقيّاً يبلغ 1,247 مليار دينار بعد المِنح والمساعدات، مقابل شمول مشروع قانون الموازنة لأول مرة منذ عام 2011 زيادة مباشرة على رواتب العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، إضافة لزيادات كبيرة على بند النفقات الرأسماليّة بنسبة 33 بالمئة، ورفع مُخصصات حزمة الأمان الاجتماعيّ.
السؤال الأبرز الذي سيطرح من قبل الصندوق هو في كيفيّة قُدرة الحُكومة على مواجهة عجز الموازنة وضبط المديونيّة المُتناميّة، إضافة إلى الملاحظات التقليديّة للصندوق والتي عادة ما تتركّز على مُعالجة التشوهات في التعرفة الكهربائيّة والمياه وغيرها من القطاعات التي مازالت الخزينة تُقدم لها دعماً ماليّاً مُباشراً.
بالمقابل هناك مؤشرات إيجابيّة تدعم مطالب الحُكومة ومفاوضات العسعس مع الصندوق الحاليّة، فالصندوق بات مُتأكداً من أن الحُكومة اتخذت الكثير من الخطوات التي استطاع الأردن من خلالها  الحفاظ على الاستقرار الاقتصاديّ والماليّ المتمثل بانخفاض التضخم، وتحسن ميزان المدفوعات، وتحسن الاحتياطات الدوليّة مؤخراً، إضافة إلى استقرار القطاع الماليّ، إضافة للإجراءات الحُكوميّة الخاصة بتحسين مناخ الأعمال، وهو ما وضع الأردن ضمن قائمة أفضل ثلاثة بلدان في العالم تحسينا لمناخ الأعمال، وفقا لما ورد في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدوليّ، ناهيك عن التميز الحاصل في  السياسة النقديّة وسياسة سعر الصرف، وبقاء مستويات احتياطيّ مُريح من النقد الأجنبيّ.
العوامل السابقة ستكون دافعة للوزير للضغط على الصندوق لقبول التعاطي مع موازنة 2020 التي تتضمن الزيادات في الرواتب والإنفاق الرأسماليّ ومخصصات الأمان الاجتماعيّ إضافة للعجز الماليّ، والقبول لهذه المعادلة يعني بناء برنامج جديد يتعاطى مع واقع ماليّ جديد فرضته مُعطيات اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة.
الحُكومة التي أعلنت أن عام 2020 لن يكون فيه ضرائب أو رسوم ماليّة جديدة، تتطلع لبرنامج جديد مع الصندوق يُحفز الاقتصاد ويعود به إلى مسار النُمُوّ ويرفع من تنافسيته من خلال التركيز على مُعالجات جذريّة لِمَلف الطاقة باتجاه تخفيض كُلّفها، والعمل على إيجاد فرص العمل الحقيقيّة لِمواجهة مُعدّلات البطالة المُرتفعة، فهل ينجح الوزير العسعس في انتزاع شكل جديد من التحفيز الاقتصاديّ في البرنامج المُقبل مع الصندوق؟