تقرير ديوان المحاسبة ليس كتاب مطالعة إضافية

اخبار البلد-

 
مع تقديري واحترامي للمجهود الكبير الذي يبذله رئيس وكادر ديوان المحاسبة في إعداد تقريرهم السنوي وتسليمه للجهات المعنية لإجراء اللازم، وبالمناسبة هو تقرير مهني رفيع ومحترف، إلا أن مجلس النواب، المتهالك أصلا، والذي يوشك أن يغادرنا غير مؤسف عليه، والحكومة المتهم الرئيسي، والتي تعاملت بتكلف وعدم مصداقية مع التقرير السابق (2017)، تتعامل مع التقرير الجديد (2018) كما لو كان كتابًا للمطالعة الإضافية لا يدخل في احتساب المعدل، أو كتاب لتمضية الوقت والتسلية، أو ربما تجده فرصة لالتقاط الصور التذكارية مع رئيس ديوان المحاسبة وهو يسلمها تقريره.
وحتى لا تكون الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها في مكان متلقي السهام من قبل بعض الصحافيين والنشطاء الأحرار، فهي توجه كل مؤسسة أو وزارة إلى خوض معركتها مع التقرير، ليس عبر الرد والتوضيح وتصويب الملاحظات وتقديم من بدد المال العام أو اساء استخدمام سلطته أو مارس الفساد إلى الجهات القضائية، وإنما عبر إشعال حرب كلامية لا طائل من روائها تشكك بالتقرير، وبأن الملاحظات الوادة صوبت أو قديمة او غير دقيقة.
هناك جزئية مهمة في تقارير ديوان المحاسبة وهي أن ما يرد فيها ليس لائحة اتهام أو شبهة فساد وإنما إيضاحات يطلب الديوان الجواب عنها من قبل الجهات الوارد عليها ملاحظات في التقرير ولا ينتظر ردا من أحد على ما جاء في التقرير.
لأن الهدف منه هو وضع أصحاب القرار في مشهد مكتمل التفاصيل لأخذ الإجراء المناسب أخلاقيا وقانونيا لمواجهة الاستهتار في التعاطي مع المال العام أو استغلال المنصب في إنفاق المال العام على رفاهية المسؤول وحاشيته.
وما لم يعدل القانون المتعلق بديوان المحاسبة ليصبح جهة قادرة على تحويل أي ملف إلى القضاء مباشرة، وفي وقته دون انتظار كل هذه المدة فسيبقى التقرير مجرد كتاب مطالعة إضافية من وجهة نظر الجهات المتهمة بالتقصير أو من قبل الحكومة.
نحن لم نخترع التقرير بالتأكيد، فهو إجراء متبع في جميع دول العالم، لكن في الدول المدنية والحديثة وفي دولة القانون والديمقراطية التي يوجد فيها برلمان رقابي وتشريعي حقيقي وصحافة حرة وليست ديكورا رديئا، مجرد وجود 1% مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة كفيل بجر رئيس الحكومة ووزرائه وثلة من موظفي القطاع العام إلى القضاء، والتعفن في السجن، واستعادة ما سرق أو بدد!
في الديمقراطيات الهدف من التقرير معرفة أين الخلل وإصلاحه والأهم إيقاع العقوبة المناسبة على من بدد المال العام أو استغل منصبه للثراء الشخصي أو للإنفاق على رفاهيته، ولا يجوز أن يمر التقرير وكأنه سحابة صيف.
على الحكومة والسلطة القضائية الاستنفار لدراسة كل ملفات التقرير لهذا العام وللسنوات السابقة لتحديد المسؤول والبدء بوضع لائحة اتهام في حال وجود شبهة فساد أو تبديد المال العام بشكل متعمد.