المواطن سئم لعبة الحكومات المملة التي تبعث على التثاؤب

اخبار البلد-

 
كيف سيبدو الأردن بعد عشر سنوات من الآن، أو بمعنى أكثر تحديدًا: هل يختلف الأردن الآن عنه قبل عشر سنوات؟
حتى اللحظة لم ينل أي فاسد عقابه العادل، ولم يقم أي فاسد أدين بسرقة المال العام بإعادة ما سرقه، وإذا حدث ذلك فهل تستطيع الحكومة نشر الأرقام والأسماء حتى تطمئن قلوبنا؟
هل توقفت عجلة الفساد أم أنها ما تزال مندفعة تأكل الأخضر واليابس، ولكن بطريقة أكثر حذرًا وذكاءً؟ هل توقفت سياسية التعيين بناء على الجينات الوراثية؟ هل ما يزال البعض يتقاضي راتبًا شهريًّا يعادل راتب عشرة معلمين أو عشرة عسكريين، مقابل وظيفة وعمل روتيني ممل لا يحتاج لأي قدرات خارقة، ولا يتعلق بالخلايا الجذاعية أو بالذكاء الاصطناعي أو باكتشاف الثقوب السوداء؟!
هل أسئلة الهوية والمواطنة والمحاصصة مكنت السلطة ولوبيات المصالح من الاستفراد بالقرار السياسي والاقتصادي، وألحقت باقي الشعب بسوق الجواري والعبيد، وحولت الاقتصاد إلى اقتصاد قائم على مصالح اللوبيات؟
الحكومات وجدت من أجل تكريس وقتها لرفاهية مواطنيها وليس للإثراء الشخصي، وتنفيع الأصدقاء والمعارف والمتزلفين، وكما نعرف فإن القانون والدستور هما في واقع الأمر نصوص مكتوبة، لكن إرادة ورفاهيته الشعب في الديمقراطيات هي القانون الحقيقي. 
لم يسع أحد إلى بناء دولة حديثة تقوم على سلطة القانون والمحاسبة، وبدلًا من إلغاء المحاصصة والتقسيم الجغرافي عمدت الحكومات المتعاقبة إلى «قوننة» و»شرعنة» التقسيم المجتمعي والأثني والديني بأكثر من طريقة، هل نقول قانون الانتخاب أحدها مثلًا!
لم يحدث في التاريخ أبدًا أن نجح إصلاح الاقتصاد ومالية الدولة دون إصلاح سياسي، ولم يكتب يوم لأي خطة اقتصادية النجاح دون إصلاح سياسي، ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية ودولة مؤسسات دون إصلاح قانون الانتخاب وإصلاح القضاء والتعليم ومحاربة الفساد.
ويبدو أن ما يقال في الورش والغرف المغلقة شيء وما هو في الواقع شيء آخر، وتبدو كأنها ليست شيئًا يؤبه له مثل محاولة فاشلة لرفع المعنويات في بيت عزاء مكتظ.
العجز في الموازنة يتواصل، ونسب البطالة في ارتفاع، ومبادرات التشغيل وهمية! والضرائب على المبيعات أنهكت المواطن والتاجر معًا، فيما تواصل المصارف «حلب» وامتصاص دماء المقترضين دون أي سلطة من الحكومة عليها، والتحفير لم يحقق الكثير، والمستثمرون ما يزالون في منطقة «عدم اليقين» أو هم على «الأعراف»!  
جيل بأكمله سئم من الطريقة القديمة، الناس سئموا تمامًا من لعبة المحاصصة والتبرير واستغلال السلطة ووسائل الإعلام المؤدجلة لإخفاء السرقة والتنفيعات.
الغضب لدى المواطن الأردني يعبر عن مظالم مشروعة ضد سلطة قاسية أحيانًا، وعن عدم المساواة في الثروة وسرقة الأموال العامة، وهو موجه بالدرجة الأولى إلى أشخاص أنشؤوا امبراطوريات خاصة بهم وبعائلاتهم.  
المواطن سئم حتى وصل لمرحلة الحشرجة من مجلس نواب تعامله الحكومات بازدراء شديد، علاقته مع قاعدته الانتخابية تشبه علاقة العمل أو هي علاقة خدماتية بحتة، الدولة والشعب لا يملكون غير التعايش معه لأنه لا يوجد ما نفعله.
عندما لا تعود الدولة تشكل القاعدة الأخلاقية والدستورية للدولة، تعصف الاضرابات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية بالمجتمع.
هل ما يجري عندنا في الأردن جلبة في الخارج بينما في الداخل غير ذي صلة؟ 
فليتدبر الجميع أمرهم، فليس ثمة نهضة قادمة!