بطالة الشباب وسياسات سوق العمل

اخبار البلد-

 

بعد إعلان دائرة الاحصاءات العامة عن معدل البطالة للربع الثالث من هذا العام، اندلع النقاش فيما اذا كان هناك تراجع في معدلات البطالة أم لا؟ وزارة العمل تقول إن هناك تراجعا في معدلات البطالة مقارنة بالربع الثاني من هذا العام، بينما النقاد يجادلون بأن المقارنة يجب أن تكون مع نفس الربع من العام الماضي والذي يشير إلى زيادة في المعدل.
في الواقع أن نسبة التراجع طفيفة لدرجة أنها يمكن أن تقع في هامش الخطأ الإحصائي لأي دراسة أو مسح ميداني ولكن الأدق علمياً هو المقارنة مع نفس الربع من العام الماضي.
لقد غاب عن النقاش أن معدل البطالة ما يزال مرتفعاً جداً(أكثر من 19 %) وأن أي تحسن بالأرقام لا يعكس أي تراجع معنوي أو مهم في معدل البطالة، والتي ما تزال تشير الى أن قريبا من خمس السكان من النشطاء اقتصاديا ما يزالون متعطلين، أي أن واحدا من كل خمسة أفراد في سن العمل هو متعطل.
المعدل العام للبطالة لا يعكس الواقع المرير وخاصة لدى الشباب، حيث تشير النتائج الى أن معدل البطالة لدى الفئة من 15-19 سنة هو ضعف المعدل الوطني للبطالة وهذا يعني أن هناك أربعة من كل عشرة شباب متعطلين عن العمل.
تحاول وزارة العمل جاهدة اتخاذ اجراءات تدخل في سوق العمل للحد من مشكلة البطالة والتي تتراوح بين برامج التدريب وبرامج المساعدة في البحث عن العمل ودعم الأجور، ومحاولة اتباع سياسة الإحلال للعمالة الوافدة بعمالة أردنية.
بالرغم من أن تقييم هذه السياسات يحتاج لدراسات علمية هي غير متوفرة، إلا أن هذه السياسات بالمجمل لم تستطع أن تؤثر على معدلات البطالة، إذا ما أخذنا البعد الزمني والذي يمتد لسنوات.
أما بالنسبة لسياسة "الإحلال للعمالة الوافدة” والتي بدأت بشكل خجول منذ فترة ليست بسيطة، فإنها أيضاً لم تنجح لأنها تعتمد أولاً على التشديد على العمالة الوافدة، ورفع قيمة تصاريح العمل على العمال الوافدين والذين بدورهم يحولونها تكلفة على المواطنين والشركات في نفس الوقت.كذلك، فإن التشديد وزيادة الغرامات على المؤسسات والأفراد سوف يؤدي الى مشكلات لدى قطاع واسع من المشغلين لهذه العمالة. أضف الى ذلك، أن سوق العمل في الأردن مقسم أو مجزأ حيث تجد بعض القطاعات مسيطراً عليها من العمالة الوافدة، وهذا يجعل الأردنيين يحجمون عن العمل بها لأسباب كثيرة منها ظروف العمل بهذه القطاعات.
السياسة الرئيسة والناجحة في عملية الإحلال ليست سياسات التشديد ورفع كلفة التصاريح وغيرها، وإنما توفير شروط العمل اللائق، والذي يتطلب ظروف عمل جيدة ودخولا أيضاً معقولة مع الامتيازات الأخرى التي يحتاجها الاردنيون كالتأمين الصحي وغيره.
هذه هي السياسة الأفضل، وهذا يتطلب تعاوناً بالتأكيد بين الحكومة والقطاع الخاص، ويمكن أن يبدأ في قطاعات محددة ثم يمتد لاحقاً لقطاعات أخرى وساعتئذ فإن برامج التدريب أو الدعم تصبح أكثر فعالية مما هي عليه الآن.
بطالة الشباب مشكلة مقلقة وتحتاج إلى اهتمام خاص وعاجل، وبحاجة أيضاً الى مقاربات جديدة تأخذ بعين الاعتبار السياسات التعليمية بالإضافة للسياسات الحالية، وبدون ذلك، فإن احتمالات النجاح سوف تكون ضعيفة.