تركيا تتأرجح بين العرب وإيران وتنحو تجاه حليفها الأميركي

إن كانت تركيا تتجه بشكل متزايد إلى التقرب من الدول العربية، الا ان المساومات الدبلوماسية المكثفة التي تواصلها مع الولايات المتحدة تثبت انه لا تستطيع الاستغناء عن حليفها التقليدي الأميركي.
وقال سميح ايديز الصحافي في صحيفة ميلييت "نردد ان تركيا تلتفت بشكل متزايد الى العالم العربي وايران وتبتعد عن اسرائيل، لكننا ننسى انها تبقى حليفا قويا للاميركيين".
والموضوع الرئيسي لهذه المساومات وتبادل النوايا الطيبة بين البلدين يبقى سورية، الدولة المجاورة لتركيا والتي كانت انقرة تقيم معها علاقات وثيقة قبل الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد التي بدأت قبل ستة اشهر وحملة القمع الدامية التي قابلتها.
وطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما من اردوغان خلال لقاء على انفراد الاسبوع الماضي ممارسة "المزيد من الضغوط" على النظام السوري.
وتجاوب اردوغان مع هذا الطلب معلنا على الفور وقف الحوار مع النظام السوري بعدما كان قبل وقت قصير "صديقا" لبشار الأسد.
وبعد يومين اعلن ان تركيا اعترضت سفينة اسلحة في طريقها إلى سورية، متوعدا باعتراض اي شحنة مماثلة متوجهة جوا او برا من اراضيها الى هذه الدولة المجاورة.
ومن المقرر فرض عقوبات أخرى ولا سيما اقتصادية تستهدف بصورة خاصة القطاع المصرفي السوري.
وأوضح سميح ايديز ان "تركيا تدرك ان الاوضاع في الشرق الاوسط غير مستقرة اطلاقا وان عليها ان تحافظ على تحالفها التقليدي مع الولايات المتحدة".
من جهتها تجاوبت الولايات المتحدة خلال اللقاء بين أوباما واردوغان مع المطالب التركية حول موضوع اساسي بنظر انقرة وهو مكافحة المسلحين الاكراد.
وأعلن اردوغان بهذا الصدد ان "اوباما قال لي إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم كل دعم لنا في مكافحة الإرهاب".
واعرب عن ثقته بان الولايات المتحدة ستنقل إلى تركيا طائراتها بدون طيار من طراز بريداتر التي تضرب القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في العراق والتي يتحتم عليها مغادرة هذا البلد قريبا مع انسحاب الجيش الاميركي منه.
وأخيرا أشار أردوغان الى ان الولايات المتحدة ستواصل امداد انقرة بالمعلومات حول مواقع حزب العمال الكردستاني.
من جهتها طلبت واشنطن من تركيا مبادرات تهدئة في النزاع الجديد القائم بينها وبين جمهورية قبرص التي لا تعترف بها أنقرة.
وإزاء اطلاق الشطر اليوناني من الجزيرة القبرصية المقسومة عمليات التنقيب عن الغاز في عرض البحر، باشرت تركيا بدورها عمليات التنقيب قبالة سواحل "جمهورية شمال قبرص التركية" وهددت بان تواكب قوات عسكرية هذه العمليات.
غير أن اردوغان أعلن عن تعهد من شأنه ان يرضي واشنطن، إذ أبدى استعداده للتراجع في هذا النزاع في حال تراجعت قبرص ايضا، واجرى مكالمة هاتفية مع نظيره اليوناني جورج باباندريو.
وكتب عمر تاسبينار في صحيفة تودايز زمان الحكومية ان "العلاقات الاميركية التركية تحسنت كثيرا منذ تدهورها العام 2010".
وتبقى الازمة الخطيرة القائمة بين تركيا واسرائيل بعدما رفضت هذه الدولة الاعتذار عن هجوم شنته العام 2010 على سفينة مساعدات تركية متوجهة الى قطاع غزة واوقع سبعة قتلى من الاتراك.
واشار سميح ايديز الى ان الحكومة التركية الاسلامية المحافظة تجاهلت طلبات واشنطن التي دعتها الى "اصلاح" علاقاتها مع إسرائيل.
غير ان الضوء الاخضر الذي اعطته تركيا لنصب رادار للحلف الاطلسي على اراضيها لمراقبة ايران هو مؤشر إضافي إلى الرغبة التركية في ارضاء واشنطن، كما يعكس رغبة في عدم إثارة استياء إسرائيل العدو اللدود لإيران.