صحوة دبلوماسية أمريكية متأخرة

اخبار البلد-

 
في الظاهر صحوة دبلوماسية امريكية وفي الباطن مقدمة لمزيد من الفوضى والارباك؛ فاجتماع مسؤولين امريكان باللواء المتقاعد خليفة حفتر ومحاولة الضغط عليه لوقف هجومه على العاصمة الليبية طرابلس بعد مرور تسعة اشهر يعكس قدرا كبير من التخبط فالخطوة متأخرة جدا وتهدف لتسريع انعقاد مؤتمر برلين الذي تعرض للتأجيل اكثر من مرة هذا العام.
الصحوة الدبلوماسية لم تقتصر على استضافة وفد حكومة الوفاق الشرعية في واشنطن وانتقاد الدور الروسي في ليبيا؛ اذ امتد الامر الى التعبير عن مخاف متصاعدة لتنامي الدور الروسي في شمال افريقيا خصوصا جمهورية مصر العربية فتمدد النفوذ الروسي في ليبيا يعكس تناميا مضطردا في العلاقة المصرية الروسية بلغ حد التعاون العسكري والامني.
الدبلوماسية الامريكية لم تقصر تحركاتها على ليبيا اذ امتدت الى مصر بانتقادات وتلميحات وجهها وزير الخارجية مايك بومبيو للحكومة المصرية تتعلق بحرية الصحافة والرأي.
امريكا بدأت بالتحرك في اتجاهات عديدة اذ سارعت الى تعيين سفير لها في عمان بعد مرور اكثر من ثلاثة اعوام على شغور منصبه؛ وهي خطوة جاءت بعد تحولات وتغيرات خطرة في الاقليم شملت العراق ولبنان والخليج العربي؛ اذ ان مكانة الاردن وتماسه المباشر مع ازمات المنطقة يجعل منه مهما في المعادلة الاقليمية تستدعي تعيين سفير فوق العادة متجاوزة التحفظات الترمبية على موقف المملكة من سياسته اليمينية المتطرفة في فلسطين.
الصحوات الدبلوماسية الامريكية لا تقتصر على المنطقة العربية على الارجح اذ سنشهد تحركات واسعة للولايات المتحدة الامريكية في افريقيا التي باتت تنسج علاقات قوية مع روسيا والصين وتحتاج الى تجديد الجهود التي اطلقها ريكس تيلرسون وزير الخارجية الاسبق قبل عامين من الآن في القارة السمراء.
بعض الاضرار التي لحقت بالدبلوماسية الامريكية يصعب معالجتها او تداركها كالاخطاء المتعلقة بالملف الفلسطيني والخليجي ايضا؛ فهي ملفات باتت اكثر تداخلا مع حالة الصراع الداخلي في الساحة الامريكية وتعد في بعض جوانبها اوراقًا رابحة لا زال ترمب يعول عليها للتعامل مع ازمتة الداخلية ولتعزيز فرصة في الانتخابات الرئاسية القادمة.
إنها صحوة ناقصة ومنقوصة من ناحية القانون الدولي والبعد الانساني والقوة الناعمة بل الصلبة فالكثير من المياه جرت في قنوات المنطقة العربية والعالم؛ فتركيا وروسيا وايران والصين باتت حاضرة في الكثير من الملفات والمناطق من ضمنها الخليج العربي وافريقيا والبحر الاحمر؛ وبات من الصعب التعامل معها بمجرد صحوة دبلوماسية عابرة ناجمة عن الفزع والهلع واقرب ما تكون الى حالة الـ"مس" لا الصحوة الحقيقية!