ليتني لم اكن وزيرا .....
بداية كنت اقول انني لن أقبل وزارة لن أضيف لها شيئا وهذا يعتمد على اٌمكانات كامنة لدي أو متاحة لي وتعتمد على تحصيلي العلمي والتدريبي والخبرة العملية والصفات الشخصيّة والسلوكية لدي وخاصّة الكريزما التي أتميّز بها وسأكون صادقا في تقييم نفسي .
وإذا تيسّر الأمر الأول فأوّل شيئ أقوم به هو إصلاح نفسي من الطمع والتغوّل على المال العام وأبدء من الراتب فلن أقبل راتبا ودخلا يزيد عن حاجتي وحاجة بيتي للحياة البسيطة التي اعيشها الآن ولن أُحمّل الدولة أي مصاريف ترفيهيّة أو كماليّة ليست من حقّي أو حقّ عائلتي ولن اسمح لأي قريب من الدرجة الأولى في القرابة ان يتقدّم لوظيفة في نفس الوزارة سواء عن طريق الخدمة المدنيّة او عن طريق الرئاسة او عن طريق عقد استثنائي .
عندما أتأكد من أنّ تلك القناعة راسخة عندي أبدأ بعملي المهني والإداري منذ اللحظة الأولى لتسلّم المهام عازما على ان يكون القسم الذي أقسمته هو النبراس الفعلي لسلوكي العملي مبتدئا بمعرفة كيف تسير الأعمال في الوزارة والتشريعات والإستراتيجيات والأهداف والمخرجات وخطط عملها للسنوات القادمة وثمّ سأتعرّف على المدراء التنفيذيين وسأسمع منهم عن مديرياتهم وكيف يسيرون اعمالها ولن أسمح لأي مدير ان يطعن في زميله ولن يخلد في تفكيري تغيير أي موظف إلاّ من خلال تقييمه لفعلي لإدائه لعمله وهذا قد يتطلّب وقتا ليس قصيرا .
وبعد ذلك سأقوم بزيارات ميدانيّة لكل المواقع والمديريات التابعة للوزارة لمعرفة ماهي تلك المواقع والفروع وكيف تسير الأمور فيها ونسب الإنجاز والمعيقات .
وقبل نهاية الأسبوع الأول أكتب تقريرا تقييميا أوليا عن كل مشاهداتي ومقابلاتي وزياراتي وهذا تقرير لي لأبدء ببناء خطة عملي بناء على ما تحقّق سابقا وتكون نقطة بدايتي حيث انتهى سلفي ويكون هدفي تطوير العمل وتحسين الإداء بهدف تعظيم الإيجابيات وتقليل السلبيّات حتّى تزول, واضعا امام ناظري أن حسن الإداء في العمل هو السبيل إلى الترقية والمكافئة وان التميز والإبداع هو الطريق الى التقدير المادّي والمعنوي .
وبعد ذلك أضع خطوطا عريضة للعمل أهمها إحترام الوقت والمواعيد في كل الأمور وثانيها الشفافيّة فيجب تعميم المعلومة لتصل الى جميع الموظفين إلاّ ما يحتاج الى غير ذلك وثالثهما إنصاف الموظفين وخاصّة اصحاب الدخول المحدودة مع ما يتماشى مع العدالة في التعامل مع الجميع .
واهم شيئ ان لا أغيّر من سلوكي تجاه الجميع وخاصّة البسطاء من اهلي ومجتمعي وان اكون باشّا بوجوههم مقدّرا ظروفهم ليقدّروا ظروف عملي ووقتي وأن أعطيهم الوقت الكافي من وقت راحتي وأهمّ شيئ ان لا أعدهم بأمر لا استطيع عليه وان لا اكذب عليهم أو أجاملهم على حساب الوطن او غيرهم من المواطنين وفي كل عملي ان أحرص على ان لا اغضب ربّي أو اخرج عن تعاليم الدين الحنيف وابتعد عن الشبهات ما امكن ذلك .
وأنا في هذا العمر المتقدّم يجب ان اشعر ان حسن الختام يأتي بخدمة الوطن والمواطنون وليس بجمع المال والحال مستور بحمد الله وانما ان يشعر الإنسان انّه ما زال قادر على العطاء والعمل .
وبعد ان إستقبلت المهنئين والمنافقين والمحرومين في البيت والوزارة وفي المخبز والمول سمّيت بالرحمن وجلست على كرسي الوزارة صباح الأحد ومرّة اخرى إستقبلت الموظفين للتهنئة وفي العاشرة صباحا تلقّيت أول هاتف من دولة الرئيس يهنئني فيه بمباشرتي العمل ويطلب منّي تعيين قريب له بوظيفة مدير وإن لم يكن هناك شواغر أمر بإيجاد شاغر وعدته خيرا إن استطعت وبدأت تكرّْ المسبحة اتصال من وزير زميل أو موظّف كبير أو مسؤول مهم أو شخص يتكلم بإسم ناس من فوق وكلّها مخالفة للقوانين والتعليمات المطبّقة فقط على الفقراء والمساكين حتّى اصبحت انا أحلّل وأحرّم حسب الحالة والمصلحة وفكّرت فيما كنت أخطط له وكأنني في المدينة الفاضلة وأين هي القيم والإنتماء للوطن والنزاهة والذمّة والضمير .
وبينما انا على ذاك الحال من الضياع سمعت المضيفة تقول في السمّاعة ارجو الإستعداد وربط احزمة النار سنهبط في جهنّم الحمرا وعندها صحوت من النوم مزعوجا اتمتم لا حول ولا قوّة إلاّ بالله لعن الله المناصب واللاهثين خلفها .
هذا ليس طموح وارد ولا هو احتمال ممكن ولا هو مطلب واعد وإنما هو درس قد يستفيد منه من يحبّ وطنه ومواطنيه وتأتيه الفرصة لكي يخدمهم من خلال هكذا موقع فلذلك وضعت العنوان لو كنت وزيرا وليس لو اصبحت وزيرا لأنّ لي طموحين فقط على المستوى الشخصي أولهما ان يمكنني الله من تأدية فريضة الحج بأقرب وقت وثانيهما أن اكمّل تحصيلي العلمي بشهادة عليا ولو بعد حين إذا كان في العمر متّسع .
وهذه دعوة لكلّ مسؤول يصل بعلمه وعمله أو تضحك له الدنيا فيسعفه حظّه وهؤلاء يكونوا من خارج الشلليّة أو الاجهزة التي لا تُوصل على الأغلب كل صاحب حق أو علم أو انتماء إلى المناصب العليا بينما نكتفي نحن بالأحلام .
( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا )صدق الله العظيم
(وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)صدق الله العظيم
*ثم أورثنا الكتابَ الذين اصْطَفَيْنا من عبادنا فمنهم ظالمُُ لنفسه ومنهم مقتصدٌٌ ومنهم سابقُُ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضلُ الكبير) صدق الله العظيم
الدكتور احمد محمود سعيد
دبي – 27/9/2011