الھیئات المستقلة بین العدالة والمساواة

اخبار البلد - عبير مامي


تتجه نیة الحكومة الحالیة نحو دمج المؤسسات والھیئات المستقلة، وقد حظي ھذا التوجه برضا شعبي في ظل المعتقد عن كونھا باتت تشكل عبئاً على كاھل الاقتصاد وتزید عجز الموازنة، والتساؤل الذي یطرح نفسه ھنا ھل كل الھیئات تشكل عبئاً على الاقتصاد ؟! ھل یمكن الخلط بین الھیئات المستقلة التي وجدت للمراقبة ولھا مھام والمؤسسات التي تقدم خدمات مشابھة؟ ھل عملیة الدمج ھذه ستكون ضمن منھجیة علمیة وھل سیتم الأخذ بعین الاعتبار الفروقات بین ھذه المؤسسات؟ ُ 

لنأخذ على سبیل المثال ھیئة تنظیم قطاع الاتصالات التي لا تكلف خزینة الدولة أي مبالغ مالیة، فكلف الھیئة التشغیلیة تُدفع من شركات الاتصالات العاملة في المملكة، نفقات الھیئة یتم تغطیتھا من عوائد الترخیص السنویة بما لا یتجاوز 1 %من الایرادات للمرخص لھم والإیرادات المتأتیة من كل من حصة المشاركات بالعائدات بنسبة 10 بالمائة .

فھل من المنطقي أن یتم التعامل معھا اسوةً بالمؤسسات التي ترصد میزانیات كاملة لھا من خزینة الدولة! ھل یمكن ببساطة دمجھا أو إلغاؤھا بذریعة تحقیق العدالة، وعن أي عدالة نتحدث إذا علمنا أن الھیئة من أكثر المؤسسات رفداً للخزینة والأقل إنفاقاً حیث بلغ مجموع ما تم رفده ما یقارب (809,1( .ملیار منذ 1997 ،ناھیك عن التخصصات التي لا توجد في أي مؤسسة أخرى مثل الترددات والتنظیم ما یستدعي وجود موظفین یحملون شھادات علمیة.

لا خلاف على ضرورة دراسة التباین في الرواتب بین موظفي الھیئات وباقي موظفي القطاع، ولكن یجب أن تكون المقارنة مبنیة على أسس علمیة، لان ّ العدالة لا تعني المساواة وبعض الھیئات لھا خصوصیة وعملھا یستدعي وجود كفاءات تمكن العاملین من إظھار إمكانیاتھم، وتمكن المؤسسة من استقطاب كادر ومؤھل یتحمل المسؤولیات، ومن مھام الھیئة مثلاً وضع شروط منح رخص شبكات الاتصالات، ادارة الطیف الترددي وتنّظیم الدخول إلى الشبكات، ومنح الموافقات وتنظیم ادخال الاجھزة الى المملكة.

قد یتساءل البعض عن جدوى وجود ھیئة الاتصالات في ظل وجود وزارة تُعنى بالقطاع، والاجابة بسیطة فدور الوزارة یتمركز حول رسم السیاسات، الحكومة الالكترونیة ومركز المعلومات بینما تتولى الھیئة النواحي التنفیذیة كضمان توفیر خدمات اتصالات ذات جودة مقبولة للمواطنین وحمایة مصالحھم، إدارة الطیف الترددي، الثروة الوطنیة التي تحتاج إلى التنظیم، ووجود واضع سیاسة بشكل منفصل عن منفذ السیاسة یخلق مزیدا من الاطمئنان لدى المستثمر، خصوصاً أننا نتحدث ھنا عن حجم استثمار تجاوز 4 ملیارات دینار في ھذا القطاع. العدالة مطلب الجمیع، والح?ومة معنیة بأن یأخذ كل ذي حق حقه، ونتمنى أن لا یتم أخذ قرارات متسرعة والتعامل مع الموضوع بھدوء والأخذ بالأسباب حتى لا یدفع أحد ثمن قرارات اتخذھا آخرون في أعوام سابقة، والمؤشرات ببساطة أكثر ما یوثق لحقیقة واقع قطاع الاتصالات الأردني الذي یعتبر قصة نجاح أردنية.