تجميد قانون الدّيْن العام



في عـددها الصادر يوم 25/9/2011 كشفت صحيفـة (الغد) عن سر مالي يناهز عمره سنتين، وهو قرار من مجلس الوزراء اتخذ في مطلع عام 2009 بتأجيل العمل بقانون الدين العام الذي يحدد سـقفاً للمديونية عند 60% من الناتج المحلي الإجمالي.

عندما جـاء الدكتور محمد أبو حمـور وزيراً للمالية في حكومة الرفاعي، كانت لديه خطة مسبقة للتوسع في الاقتراض وتراكم الديون وخـرق السقف القانوني للمديونية، ولذلك تقدم في الأيام الأولى من دخول الوزارة بتنسيب لمجلس الوزراء لتأجيل العمل بقانون الدين العام، الذي كان ساري المفعول بقرار من حكومة الذهبي، وبالتالي لم يعد موضوعاً للتأجيل.

قرار التأجيل حتى إِشعار آخـر، الذي اتخذته حكومة الرفاعي نشر في الجريدة الرسمية التي لا يقـرأها المواطنون، ولكنه بقي سـراً مكتوماً، ومنذ ذلك الحين ونحن وغيرنا نكتب ونحذر من خطر تضخـم المديونية، وضد تجاوز السقف القانوني البالغ 60% من الناتج المحلي الإجمالي، دون أن يكشف وزيـر المالية الحقيقـة مع أنه اعتاد أن يرد على انتقاداتنـا للسياسة المالية يوماً بيوم، وذلك لإبقاء الموضوع سـراً!

الخطة المالية للدولة إذن هي عدم التقيد بسقف للمديونية على قاعدة: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، وهي قاعدة جرى تطبيقها في ثمانينات القرن الماضي، حيث اقترضت الحكومات وصرفت ما في الجيب فلم يأت ِ سوى صندوق النقد الدولي وشروطه.

في عصر الشـفافية والانفتـاح، كيف يمكن التسـتر على إجراء مالي كهذا، يلغي حـدود المديونية، ولا يعلم به أحـد، ويجهد المعلقون والمحللون أنفسـهم وهم يعالجون الموضوع دون أن يطلع عليهم الوزير بالحقيقة وأنه ليس هناك قانون للدين العام ولا سـقف للمديونية، وأنه سيواصل البحث عن كل مصادر الاقتراض المحلية والدولية، التقليدية منها والإسلامية، بشكل سـندات أو صكـوك أو أي أسـلوب آخر من شـأنه إغراق البلد في المديونيـة.

بهذه الخطـة المالية التي اعتمدت، نفهـم لماذا يتم رسم وتنفيذ الموازنة العامة خلال السنتين الأخيرتين بحيث تنخفض تغطية نفقات الدولة الجارية من الإيرادات المحلية وتعتمـد الحكومة في دفـع رواتب الموظفين على المنح الخارجية، ووداعاً للاكتفـاء الذاتي والاعتماد على النفس.