من هو الرئيس المنقذ؟!
خطفت "إقالة" المحافظ فارس شرف من البنك المركزي الأضواء عن التعديلات
الدستورية تحت قبة البرلمان، وأضرت بصورة الأردن الدولية التي يكافح جلالة
الملك لصيانتها في المحافل الدولية. دائما لدى حكومة معروف البخيت مشكلة في
الإخراج والسيناريو للتعامل مع الأزمات. فإن كانت هناك إشكالية مع محافظ
البنك المركزي فارس شرف، فإن أسلوب المعالجة والإقالة كان أكثر سوءا. وحتى
الآن يسأل المراقبون السياسيون من نصح البخيت بذلك. رغم هذه الضجة الكبيرة
التي سببتها إقالة شرف، فان الأخطر أن الرأي العام لا يعرف حتى الآن السبب
الحقيقي لهذا الإجراء، والاشاعات تملأ الصالونات والإعلام؛ فمنها ما يقول
إن الأمر مرتبط بخلاف الحكومة مع شرف حول قوانين لها علاقة بالاقتصاد
والمال. ولا يستقر في وجدان الأردنيين شيء محدد، وتظل التهمة التي أطلقها
البخيت بحق شرف بأنه "ليبرالي" تضحك الناس حد البكاء!
وسط هذا الضجيج
أقر مجلس النواب التعديلات الدستورية، وسعى بعضهم إلى تحصين مجلسهم من الحل
المؤكد فنجحوا ثم أخفقوا حين فتحت الاتصالات الهاتفية للضغط على
البرلمانيين للتراجع عن موقفهم. محصلة التعديلات الدستورية خطوة للإمام.
وبرأي الحراك الشعبي في الشارع أنها غير كافية، وكل المؤشرات ترجح أن يقر
مجلس الأعيان تعديلات النواب كما وردت من دون تغيير، رغم أن لديهم ملاحظات،
لكنهم يدركون أن الوقت ما عاد ممكنا لعقد جلسات مشتركة للدخول في مناكفات
مع النواب. المشهد السياسي سينتهي مع نهاية الصيف على دستور جديد طال
انتظاره، فما هي الخطوات التي ستتبع ذلك لتحريك قطار الإصلاحات؟
المعلومات
التي تتسرب من دوائر صنع القرار أن سلسلة من التغييرات ستطال أكثرية
المواقع في الدولة، وستبدأ من رئيس الحكومة لتصل إلى رئاسة الديوان، مرورا
بكثير من المواقع المهمة. وفي هذا السياق، فان استطلاع مركز الدراسات
الاستراتيجية لمعرفة مزاج واتجاهات الناس عن رئيس الوزراء الأفضل للمرحلة
المقبلة يأتي معززا لهذه التوجهات والخطوات. والسؤال الذي يواجه صاحب
القرار من هو الرئيس الذي يستطيع إعادة بناء الثقة واحتواء التيارات
والحراك الشبابي والأحزاب التي ما عاد يقنعها الكلام والوعود؟ وفي الاتجاه
الآخر، هل كل الشخصيات التي تلقى حضورا شعبيا يمكن أن يتقبلها النظام
السياسي لتلعب دورا فاعلا، خاصة أن بعضها لديه تحفظات سياسية مفصلية؟
الشيء
المؤكد أننا نواجه مرحلة انتقالية صعبة، ليس لأن الشارع لم يتقبل حتى الآن
الإصلاحات الدستورية التي في طريقها إلى النور، ولا لأن الحكومة وأدواتها
التي تدير اللعبة السياسية اليومية مرتبكة، بل وهو الأهم أن خياراتنا
للمرحلة المقبلة محدودة، وهو ما أدخل علم التنجيم لصالوناتنا السياسية
لمعرفة من هو "المنقذ" القادر على التعامل مع استحقاقات المقبل من الأيام
بنجاح.