التعديلات الدستورية .. ألم يكن تسريع الاصلاحات مطلب الجميع

الخطوة ستكون قفزة في الهواء اذا لم تترافق مع قانون انتخاب ( نسبي ).

بعد ايام حافلة بالمناقشات اقر مجلس النواب التعديلات الدستورية, وقبل نهاية الاسبوع الحالي ستحظى التعديلات بموافقة الاعيان . من غير المتوقع ان يعدل الاعيان على تعديلات النواب, والمرجح ان يقبلوا بها كما هي نظراً لضيق الوقت .

اوساط المعارضة وصفت مناقشات النواب بأنها عملية " سلق " لا تليق بخطوة تاريخية كتعديل الدستور, ناهيك عن التشكيك المستمر بشرعية المجلس الذي اقرها, والتحفظ على بعض التعديلات .

لكن ماذا لو تباطأ النواب في مناقشة التعديلات وقاموا بترحيلها مثلا الى دورة المجلس المقبلة ? ستعتبر اوساط واسعة خطوة كهذه دليلا على صحة اتهامها للدولة بعدم الجدية في الاصلاح . الم يكن مطلب الجميع هو تسريع عملية الاصلاح والتحذير من مغبة التأخير ?! .

والى الان مازالت اوساط شعبية وسياسية تدعو الى الاسراع في خطوات الاصلاح وتطالب بترحيل الحكومة وحل البرلمان على الفور وهى محقة في هذه المطالب, بيد ان الوصول الى هذه المحطة امر متعذر من دون العبور في محطة التعديلات الدستورية .

ربما لا تكون التعديلات كافية بالنسبة لبعض القوى, وكان بالامكان التوافق على تعديلات اضافية, لكن ما تم انجازه يكفي لضمان اجراء انتخابات مبكرة وفق معايير جديدة اكثر ديمقراطية وعصرية, بعد ذلك يستطيع مجلس النواب الجديد فتح الدستور مرة ثانية واجراء المزيد من التعديلات التي تكفل الانتقال الى مرحلة متقدمة من الملكية الدستورية .

في ظل مجلس نواب تشكك المعارضة في شرعيته حصلنا على مكاسب ليست بالقليلة : هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات, محكمة دستورية, تقييد سلطة الحكومة في اصدار القوانين المؤقتة, محاكمة الوزراء امام القضاء المدني وكف يدهم عن العمل بمجرد اتهامهم, وغيرها من المكاسب . فكيف تكون الحال في ظل مجلس جديد منتخب وفق قانون عصري وبنزاهة ? حتما ستكون هناك مكاسب اكبر للديمقراطية . ولعل من الضروري الاشارة هنا الى ان التعديلات " الكبرى التي تطالب بها قوى اجتماعية وسياسية تحتاج بالفعل الى وجود مجلس نواب اكثر تمثيلا وشرعية .

انجاز التعديلات ليس إلا خطوة على الطريق, المهم الان هو قانون الانتخاب, فمن دون قانون يلبي متطلبات الاصلاح السياسي ستكون تعديلات الدستور قفزة في الهواء . وبالامس صدرت عن رئيس الوزراء اشارات ايجابية بشأن ملامح القانون الجديد عندما اشار خلال لقائه قادة الاحزاب الى التزام الحكومة بمبدأ التمثيل النسبي في المشروع المقترح من طرف الحكومة .

ان حجر الزاوية في تطوير الحياة الحزبية والبرلمانية هو الاخذ بمبدأ التمثيل النسبي في قانون الانتخاب, ينبغي حسم هذا الامر مبكرا ثم بعد ذلك يمكن الدخول في التفاصيل لاختيار الصيغة المناسبة القابلة للتطبيق.

fahed.khitan@alarabalyawm.net