هَلْ يُسَلَّم «البشير».. للمحكمة الجنائيّة الدوليّة؟
اخبار البلد-
یتصاعد الجدل في شأن تسلیم جنرال السودان المخلوع عمر البشیر لمحكمة الجنایات الدولیة, في ظل إعلان قوى
الحریّ ُ ة والتغییر التي تتقاسم الس ِ لطة مع الجیش. إعلان ھذه القوى التي قادت الحراك الشعبي الذي بدأ في 19 كانون
الأول الماضي وانتھى بسقوط نظام البشیر, أنھا «توافقَت» على تسلیمھ إلى المحكمة الجنائیة الدولیة, وأن «لا
ِ مشكلة لدیھا في ذلك» وفق أحدُ قیادیھا
.
معروف أن المحكمة الدولیة أصدرت مذكرتي توقیف قبل عشرة أعوام (2009 و2010 (بحق البشیر (وآخرین)
بتھمة مسؤولیتھ الجنائیة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانیة وإبادة جماعیة ارتكبت في دارفور. ورغم نفي
ُ ھامھ المحكمة بأنھا مسیّسة, بل وجدَ دعماً لوجھ نظره تلك من دول عربیة وبخاصة إفریقیّة
البشیر تلك التُھم بل واتَ
ُ رأت في توجیھ أول اتھام جنائي لرئیس على رأس السلطة, بأنھا انتقالیة وتقتصر على دول معیّنة فیما تغض
المحكمة نفسھا النظر عن جرائم مماثلة أخرى ارتكبت في دول أوروبیة وغیرھا، وقد جال البشیر على دول عدیدة
ّ غضت الطرف عن مطالبة المحكمة باعتقالھ وشارك في قمم ومؤتمرات وزیارات ثنائیة، بدا للحظة أنھ لم یعد
«مطلوباً» وبخاصة بعد تحسن علاقاتھ (الاستخباریة بالطبع) مع واشنطن, ومدّه الاخیرة بمعلومات وصفتھا
.(..)الدوائر الأمیركیّة بأنھا مھمة وحاسمة وبخاصة في شأن محاربة الإرھاب
رغم ذلك ما یزال ملف البشیر الجنائي مفتوحاً، ولم یُغلق، رغم التصریحات التي أدلى بھا جنرالات المجلس
ِموه وأنھم سیحاكمونھ في السودان لثقتھم بعدالة ونزاھة
العسكري بعد اطاحتھم البشیر وإعلانھم أنھم «لن یُسلّ
القضاء السوداني»، إلاّ أن قوى أخرى لا یقل دورھا في المشھد السوداني الجدید أھمیة, الذین اضطروا في النھایة
للخضوع لموازین القوى الداخلیة بعد أن اثبتت المعارضة الشعبیة وعلى رأسھا الحریة والتغییر قدرتھا على منع
العسكر من السیطرة على البلاد، وإعادة انتاج نظام البشیر عبر تغییر الأسماء والمواقع, وبخاصة أن في المجلس
َ العسكري، م ّ ن عمل بنشاط وحیویة لقمع تمر ِ د دارفور وارتكب جرائم بشعة بحق سكانھ بدوافع عنصریة وعرقیة,
ُ في استخدام مفرط للقوة وكان على رأسھا قوات «الجنجوید» التي رأسھا محمد حمدان دقلو الملقّب «حمیدتي»,
ِر حالیاً في المشھد السوداني
. ّ والذي بات یرأس بعد ذلك قوات «التدخ ُ ل السریع» صاحبة الدورالمؤثّ
قوى الحریة والتغییر لا تُمانع في تسلیم البشیر «إذا نجا الجنرال من المحاكمات بالداخل, جراء الجرائم التي
ُ تھ مبكراً قوى سیاسیة بعد
ُ ارتكبھا - م ِّ توعدة أنھ «سینال عقابھ في المحكمة الجنائیة بالخارج»، وھو موقف تبنّ
.انتصار الثورة
َ وإذ تتواصل محاكمة البشیر بتھم الإثراء الحرام، فإن النائب العام السوداني أمر بالتحقیق في انقلابھ على السلطة
َّقرت
ُ
1989 ،ما یزید من تعقید المسألة ویترك فرصة لمؤیدیھ لشراء الوقت, رغم ان قوانین تفكیك نظامھ قد أ
.واقترب عھده من النھایة.