التعديل الوزاري: مشروع إصلاح.. أم مناسبة اجتماعية؟
اخبار البلد-
قبل الدخول في مسألة التعدیلات الحكومیة وما إذا كانت مشاریع إصلاح حقیقیة، أم غیر ذلك، لا بد من التعریج
.على ما یراه الشارع في مسألة التوزیر عموما
فالإحساس العام أنھ لا توجد مواصفة مرجعیة یمكن العودة إلیھا في اختیار الوزراء. فالكثیر ممن یتم توزیرھم لا
أحد یعرف لماذا جيء بھم، وما ھي نقاط التمیز التي دفعت بھم إلى ھذا الموقع. وفي لحظة لاحقة لا أحد یعرف
.لماذا تم إخراجھم في التعدیل الحكومي
وطبقا لتلك الفرضیة، تشھد حكوماتنا الكثیر من عملیات التعدیل، والتي یراھا البعض محاولات تجمیل للحكومة قد
.تنجح، وقد تأتي بنتائج عكسیة، أو بـ«أعراض جانبیة»، تؤثر سلبا على مستوى الأداء
ویبدو أن تلك الحالة التي لم تعد خلافیة قد أسست لما یسمیھ البعض عملیة «الاستیزار»، ذلك أن غیاب المواصفات
لمن یفترض أن یتولى المنصب دفع بالكثیر من أصحاب الإمكانات المتواضعة سیاسیا وإداریا إلى الاعتقاد بأنھم
قادرون على إشغال الموقع. وتقدیم أنفسھم من كافة البوابات المتاحة، واغلبھا بوابات علاقات اجتماعیة أو
.««عامة
بالطبع، لا أحد یمكنھ إنكار البعد السیاسي في عملیات التعدیل، حیث یسعى رئیس الوزراء إلى تجوید أداء حكومتھ،
وسد الثغرات التي تكشفت خلال العمل، وتصویب بعض الأخطاء في عملیات الاختیار. غیر أن الكثیر من الرؤساء
.یقعون في المحظور أثناء التعدیل، فیختارون بنفس الأسالیب التي اعتمدوھا في التشكیل وفي التعدیلات السابقة
والسبب في ذلك أن معظمھم یلجأون إلى العوامل الشخصیة في الاختیار، أو أنھم یخضعون لضغوطات أو
.محاولات إقناع لتوزیر شخصیات یتبین لاحقا أنھم لیسوا بالمستوى المطلوب
ھؤلاء قد یختلفون في اجتھاداتھم وقناعاتھم عن بقیة الفریق الذي یحرص الرئیس على إظھاره كفریق متجانس،
خلافا للحقیقة التي یراھا رجل الشارع، وبخاصة من قبل الذین یصنفون كعابرین للحكومات، والذین یتنقلون من
وزارة إلى أخرى رغم عدم علمھم بتفاصیل القطاع الذي یشغلونھ. أو الذین یعمرون في موقع واحد لسنوات طویلة
.دون أن یسجل لھم إنجاز واحد في اختراق ما یعانیھ قطاعھم من إشكالیات متجذرة
ھنا، وفي ضوء غیاب الأحزاب السیاسیة الفاعلة، والإرادة السیاسیة لتفعیل العمل الحزبي وصولا إلى الحكومات
الحزبیة، لا بد من التذكیر بأھمیة تقلیص الھوامش الشخصیة في عملیات التوزیر. وقد یكون ذلك من خلال إنشاء
«بنك للكفاءات»، وبحیث تتولى جھة مرجعیة محایدة رصد أسماء ومؤھلات وخبرات وتجارب الأشخاص الذین
یعتقد أنھم مؤھلون للمناصب المتقدمة، وبحیث یمكن للرئیس المكلف الحصول على المعلومات الكافیة التي تمكنھ
من اختیار فریقھ. بدلا من الاعتماد على التوصیات الفردیة والاختیار العائلي والذي یمكن أن یتحول إلى «شللي»
.في بعض الأحیان
بكل الأحوال، ونحن على مشارف التعدیل الرابع للحكومة نتمنى أن یوفق الرئیس في تجاوز تلك السلبیات وصولا
.إلى فریق قادر على القیام بالمھمة.