قرارات مكتملة ليست مجزوءة

اخبار البلد-

 

تحدثنا في مقالات سابقة و بنفس الزاوية ان الحكمة في التعامل مع اي احتجاج او مظاهرة باتخاذ خطوات تسبق المطالب وتتجاوزها بكثير من الإجراءات والقرارات لا ان تبقى تسير خلفها. تتحكم بها او تسيرها ردات الفعل.
 لان الوقت لن ينتظر طويلا وقد لا تستطيع الحكومة اللحاق بالشارع وستبقى تلهث وراءه دون ان تصله.
وتاريخيا جميع الأنظمة او الحكومات العربية منذ انطلاق الربيع العربي قبل عشرة سنوات، و التي لم تتخذ أي خطوات وإصلاحات استباقية بقيت تلحق بالمتظاهرين الذين يطلون كل لحظة بجديد بعد ان اصبح الوقت لصالحهم، ولم تستفد اي الانظمة غير اللهاث، والتعب انهكت بسرعة وبالتالي أسقطها الشارع، وها هو مصير الكثيرين منهم واضح أمامنا بعد أن انتظر الشارع طويلا ليلملم اوراقه وزاد من قوته فطالب برأسها.
وهنا نقول ان القرار المتردد او المجزوء لا يحقق أهدافه، بل قد ينقلب ضد مصدره او صاحبه مما يستلزم أن نقيس قبل ان نغوص، وان ندرس اهمية الإجراء واتخاذ القرار ومدى تجاوب الناس معه دائما ومدى تقبله.
مع إيماننا ان الانقسام وارد في كل الظروف والحالات فإن أبناء الأسرة الواحدة قد ينقسمو ن او يختلفون حول قرار معين لكن دائما صوت الأغلبية هو المنتصر ومن هنا فإننا لا ندعو إلى الانسجام الكلي بقدر ما يكون هناك أغلبية حول القرار الصادر تقاس بمدى الرضى والتفاعل الايجابي معه.
ومن هنا نقول ان حزمة القرارات الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة مؤخرا خطوة مقبولة الا ان هناك انقساما حول نجاعتها ودورها في تحقيق نمو اقتصادي وتحسين الظروف المعيشية ، لأنها في أغلبها لا تمس المواطن بشكل مباشر على المدى المنظور على الاقل، بقدر ما هي عناوين ومحاور رئيسية كما يقول البعض.  كما أنها تحتاج إلى وقت حتى نتمكن من قياس وتقييم آثارها ومن ثم البناء عليها.
 ان موضوع العقار ورسوم التسجيل يشكل خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح لكن هل سيجدي نفعا في ظل شح السيولة وارتفاع الفوائد البنكية وتآكل رواتب الموظفين ومدخرات الطبقة الوسطى في مجتمعنا.
كما أن موضوع الحصول على شقة سكنية ضمن آلية ستحدد لاحقا بفائدة مقدارها 4 بالمئة لا ننكر أهميتها ولكنها ستبقى على نطاق ضيق وتحتاج إلى وقت حتى يتم الاستفادة منها لان الموضوع يتعلق بالمستثمرين وحصولهم على أراض والبناء عليه في اماكن ومواقع محددة.
إن نسبة المستفيدين منه كان سيكون افضل لو تم تعزيز الموضوع بتخفيض الفائدة لكل من يرغب بشراء شقة سكنية في اي مكان دون ان يتم تقييده وتحديده بمكان محدد، لانه قد يرغب احدنا بشراء شقة في منطقة قريبة من مكان عمله او غيرها وهنا لن يستفيد من الامتياز الذي اقر امس الاول.
الأمر يحتاج إلى توسيع الشريحة دون تجزئة وتخفيض الفائدة البنكية لضخ سيولة بالسوق العقاري وغيره الأمر الذي سنرى نتائج إيجابية و تزيد من نسبة الرضى حول القرارات.