وقد أصبحنا دولة حوالات
اخبار البلد-
لنتحدث بصراحة اليوم، فلا حل أمام الأردن، من أجل التخفيف من حدة الوضع الاقتصادي، سوى مساعدة الأردنيين للهجرة، او الحصول على فرص عمل خارج الأردن، بعد ان استعصت الحلول في الداخل، هذا فوق ان الفرص هنا قليلة ورواتبها هزيلة.
هذه ليست دعوة لتهجير المواطنين، لكنها تتضمن حلا جذريا، إذ إن الأردن اليوم بدأ بالتحول الى نموذج "دولة الحوالات” على طريقة لبنان التي تعد دولة حوالات تعتمد أولا وأخيرا وقبل كل شيء، على حوالات اللبنانيين المغتربين في العالم، والأردن امام المأزق الذي يعيشه الاقتصاد، على مستوى القطاع العام، وانهيارات القطاع الخاص، وما تتعرض له قطاعات مثل الزراعة والسياحة، بدأ بالتحول فعليا إلى نموذج دولة الحوالات، إذ إن أكثر من مليون مغترب أردني موزعين في العالم، ينفقون على انفسهم، وعائلاتهم المباشرة، إضافة الى عائلة أخرى، تكون في الاغلب الوالد والوالدة، وهذه ظاهرة معروفة بين الأردنيين ومغتربين عرب حين ينفق الأردني على عائلتين، في اغلب الحالات.
بعض التعليقات التي ناطحت رغبة السفارة الأميركية في عمان، بدخول الأردنيين في قرعة الهجرة، تعليقات وطنية لكنها تتسم بالسطحية اليوم، لأن أغلب الشباب شبعوا كلاما وطنيا وشعارات، ويريدون حلا لمشاكلهم، فالشعارات لا تأتي معاجنهم بالخبز، ولا تحقق لهم حلما، ولا تجعلهم يؤدون واجباتهم الطبيعية، وقد اثبتت الاستطلاعات ان اكثر من نصف الأردنيين يرغبون بالهجرة، هذا على الرغم من معرفتهم انها لم تعد هجرة لجمع المال او الثراء، بل لتغطية الالتزامات الأساسية في احسن الحالات.
إذا كانت الدولة قادرة على شيء، بواسطة علاقاتها الدبلوماسية، فعليها ان تقنع دولا كثيرة بتسهيل حصول الأردنيين على تأشيرات للسفر، او الهجرة، او للعمل، فهذا هو الحل المتاح حاليا، بعد ان غرقنا بأكثر من أربعين مليار دولار من الديون، ولم تعد هناك موارد قابلة للاستثمار، ولا مساعدات تنعش وضعنا الداخلي، إضافة الى ان كل مستويات الأجور داخل البلد بين العاملين، هزيلة ويصح وصفها بالمخزية حين يضطهد الرأسماليون موظفيهم برواتب لا تغطي ابسط الالتزامات، فيبدد كل شاب وشابة أعمارهم، وسط مواصلات بائسة، وفي اعمال تأتيهم بمبالغ لا تغطي ايجارات بيوتهم وطعامهم وسجائرهم ومواصلاتهم.
اكبر كارثة ان يخسر كل بلد ثروته البشرية التي استثمر فيها، ونحن نتحدث عن مليون أردني موزعين في سبعين بلدا في العالم، فهذا رقم لا يبعث على الفخر، بل هنا الخسارة الكبرى حين أنفقت الدولة وذوو هؤلاء المليارات على هؤلاء من اجل تعليمهم وتأهيلهم فكانت النتيجة ان اضطروا للخروج نهاية المطاف خارج بلدهم، في مشهد يعبر عن نزيف في الموارد البشرية، لكنه يعبر أيضا عن اضطرار لا مفر منه.
الاغتراب حال صعب، يعاني فيه أصحابه من غربتهم، ومن عيشهم بعيدا عن أهلهم وبلادهم، لكن المؤسف ان كل مغترب يأتي به الحنين الى الأردن، زائرا، سرعان ما يحزم حقائبه ويفر عائدا من حيث جاء، وربما يقطع اجازته، امام الغلاء، وخشونة التعاملات بين الناس، وحالة الإرهاق العامة، وهو هنا بين نارين، نار الاغتراب، ونار الاحتراق بما يراه.
يبحث الأردنيون عن هجرة، وكل من لديه كفاءة قادرة على المنافسة، خرج منذ زمن، وكل من لديه كفاءة ولم يخرج ينتظر فرصة، والمؤسف ان هذا حال سيؤدي الى افراغ البلد من الطبقة الوسطى على مستوى الكفاءات الجيدة التي تعزل بين مكونات المجتمع، مهنيا، وتترك البلد لعدد ليس قليلا، لا فرص له في الداخل، ولا ينافس في الخارج، وتشتد خشونته جراء مصاعب الحياة.
في كل الأحوال نحن امام المليارات التي يتم تحويلها كل عام من خارج الأردن الى داخله، نتحول تدريجيا الى ” دولة الحوالات” بعد ان خسرنا مزايانا النسبية الداخلية، واذا كان هذا هو الواقع، فإننا بكل بساطة نحض كل قادر على البحث عن طوق نجاة في أي مكان في العالم، من اجل صناعة مستقبله، وان توظف الدولة علاقاتها من اجل تأمين ابنائها بفرص عمل، او على الأقل بتأشيرات سفر ميسرة، حتى لو عملنا في محطات البنزين في نيويورك، او مزارع العنب في إيطاليا، او باعة خبز عربي في جنوب افريقيا.
وتبقى المفارقة، الأردنيون يهاجرون، فيما بلادهم باتت محطة لكل أنواع الهجرات من حولنا وحوالينا، وكأننا امام إزاحة جغرافية لا احد يفهم لغزها ابدا.
هذه ليست دعوة لتهجير المواطنين، لكنها تتضمن حلا جذريا، إذ إن الأردن اليوم بدأ بالتحول الى نموذج "دولة الحوالات” على طريقة لبنان التي تعد دولة حوالات تعتمد أولا وأخيرا وقبل كل شيء، على حوالات اللبنانيين المغتربين في العالم، والأردن امام المأزق الذي يعيشه الاقتصاد، على مستوى القطاع العام، وانهيارات القطاع الخاص، وما تتعرض له قطاعات مثل الزراعة والسياحة، بدأ بالتحول فعليا إلى نموذج دولة الحوالات، إذ إن أكثر من مليون مغترب أردني موزعين في العالم، ينفقون على انفسهم، وعائلاتهم المباشرة، إضافة الى عائلة أخرى، تكون في الاغلب الوالد والوالدة، وهذه ظاهرة معروفة بين الأردنيين ومغتربين عرب حين ينفق الأردني على عائلتين، في اغلب الحالات.
بعض التعليقات التي ناطحت رغبة السفارة الأميركية في عمان، بدخول الأردنيين في قرعة الهجرة، تعليقات وطنية لكنها تتسم بالسطحية اليوم، لأن أغلب الشباب شبعوا كلاما وطنيا وشعارات، ويريدون حلا لمشاكلهم، فالشعارات لا تأتي معاجنهم بالخبز، ولا تحقق لهم حلما، ولا تجعلهم يؤدون واجباتهم الطبيعية، وقد اثبتت الاستطلاعات ان اكثر من نصف الأردنيين يرغبون بالهجرة، هذا على الرغم من معرفتهم انها لم تعد هجرة لجمع المال او الثراء، بل لتغطية الالتزامات الأساسية في احسن الحالات.
إذا كانت الدولة قادرة على شيء، بواسطة علاقاتها الدبلوماسية، فعليها ان تقنع دولا كثيرة بتسهيل حصول الأردنيين على تأشيرات للسفر، او الهجرة، او للعمل، فهذا هو الحل المتاح حاليا، بعد ان غرقنا بأكثر من أربعين مليار دولار من الديون، ولم تعد هناك موارد قابلة للاستثمار، ولا مساعدات تنعش وضعنا الداخلي، إضافة الى ان كل مستويات الأجور داخل البلد بين العاملين، هزيلة ويصح وصفها بالمخزية حين يضطهد الرأسماليون موظفيهم برواتب لا تغطي ابسط الالتزامات، فيبدد كل شاب وشابة أعمارهم، وسط مواصلات بائسة، وفي اعمال تأتيهم بمبالغ لا تغطي ايجارات بيوتهم وطعامهم وسجائرهم ومواصلاتهم.
اكبر كارثة ان يخسر كل بلد ثروته البشرية التي استثمر فيها، ونحن نتحدث عن مليون أردني موزعين في سبعين بلدا في العالم، فهذا رقم لا يبعث على الفخر، بل هنا الخسارة الكبرى حين أنفقت الدولة وذوو هؤلاء المليارات على هؤلاء من اجل تعليمهم وتأهيلهم فكانت النتيجة ان اضطروا للخروج نهاية المطاف خارج بلدهم، في مشهد يعبر عن نزيف في الموارد البشرية، لكنه يعبر أيضا عن اضطرار لا مفر منه.
الاغتراب حال صعب، يعاني فيه أصحابه من غربتهم، ومن عيشهم بعيدا عن أهلهم وبلادهم، لكن المؤسف ان كل مغترب يأتي به الحنين الى الأردن، زائرا، سرعان ما يحزم حقائبه ويفر عائدا من حيث جاء، وربما يقطع اجازته، امام الغلاء، وخشونة التعاملات بين الناس، وحالة الإرهاق العامة، وهو هنا بين نارين، نار الاغتراب، ونار الاحتراق بما يراه.
يبحث الأردنيون عن هجرة، وكل من لديه كفاءة قادرة على المنافسة، خرج منذ زمن، وكل من لديه كفاءة ولم يخرج ينتظر فرصة، والمؤسف ان هذا حال سيؤدي الى افراغ البلد من الطبقة الوسطى على مستوى الكفاءات الجيدة التي تعزل بين مكونات المجتمع، مهنيا، وتترك البلد لعدد ليس قليلا، لا فرص له في الداخل، ولا ينافس في الخارج، وتشتد خشونته جراء مصاعب الحياة.
في كل الأحوال نحن امام المليارات التي يتم تحويلها كل عام من خارج الأردن الى داخله، نتحول تدريجيا الى ” دولة الحوالات” بعد ان خسرنا مزايانا النسبية الداخلية، واذا كان هذا هو الواقع، فإننا بكل بساطة نحض كل قادر على البحث عن طوق نجاة في أي مكان في العالم، من اجل صناعة مستقبله، وان توظف الدولة علاقاتها من اجل تأمين ابنائها بفرص عمل، او على الأقل بتأشيرات سفر ميسرة، حتى لو عملنا في محطات البنزين في نيويورك، او مزارع العنب في إيطاليا، او باعة خبز عربي في جنوب افريقيا.
وتبقى المفارقة، الأردنيون يهاجرون، فيما بلادهم باتت محطة لكل أنواع الهجرات من حولنا وحوالينا، وكأننا امام إزاحة جغرافية لا احد يفهم لغزها ابدا.