الضريبة والعدالة المجتمعية

مع تغير اعمدة اقتصادنا التقليدية والتاريخية، وتركيز حكومات في الايرادات الحكومية على الضريبة بكافة اشكالها من دخل ومبيعات، اضافة الى جمارك ورسوم مباشرة وغير مباشرة، وهي بالتالي تعتمد في جلها على المواطن من عامل، او مزارع، او موظف، او تاجر، وكذلك صاحب المهنة. هذا التحول الكبير والذي صاحبه عدم قدرة الحكومة على توفير الوظائف الكافية، وما تخلله من ضعف في الخدمات الاساسية كتعليم وصحة ومرافق عامة، ادى بشكل مباشر الى ضغط متزايد على الطبقة الوسطى بشكل خاص، وخلق حالة عدم رضا عامة من الادارة الحكومية.



والمبدأ العام العالمي في ما يخص الضرائب ينص على انه لا اقرار لضريبة من غير تمثيل شعبي. وعندما يكون هذا التمثيل قاصرا، قانونا او عملا، يتجه الناس الى الشارع وادوات الاحتجاج الاخرى كوسائط التواصل الاجتماعي والاعلام البديل، فتنتشر الشائعات بدل الحقيقة وتتزعزع الثقة بين الجميع وهذا له عواقب لا تحمد نتائجها.


التحدي الضريبي من شقين. الاول هو غياب العدالة (او غياب الشعور بالعدالة) من حيث عدم اعتماد الضريبة التصاعدية والتي تضمن ان يدفع صاحب الدخل الاعلى ضريبة اكبر توازي مدى استفادته من ما توفره الحكومة من خدمات وتسهيلات. والثاني يتمثل في التوسع الكبير في ضريبة المبيعات والتي بطبيعتها تؤثر سلبيا على ذوي الدخل المحدود والمتوسط اكثر من الاخرين، وخصوصا اذا تدنت فعالية استراتيجيات الحماية الاجتماعية.

علينا مراجعة قوانين ضريبة الدخل والشركات والمبيعات لضمان العدالة المجتمعية. والاعتماد الكبير على ضريبة المبيعات، لانها اسرع واسهل، ادى الى تفاقم التحديات. الضريبة التصاعدية تحقق العدالة والقبول المجتمعي وهناك اتفاق شبه عالمي على ذلك. المطلوب مراجعة شاملة وعميقة هدفها العدالة. وبالعدالة سينمو الاقتصاد بمعدلات اعلى مما سيرفع الايرادات الحكومية