حكومة المستعمرة المقبلة
حكومة المستعمرة المقبلة
حمادة فراعنة
تم تكليف الجنرال بيني غانتس رئيس حزب أزرق أبيض ومعه إئتلاف من 44 مقعداً من ثلاثة أحزاب تضم حزبي العمل وميرتس، لتشكيل حكومة المستعمرة الإسرائيلية بعد فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة رغم أن لديه إئتلافاً يمينياً ويمينياً متطرفاً ومتديناً من 56 مقعداً، بسبب رفض ليبرمان وحزبه البيت الإسرائيلي وله ثمانية مقاعد ليكون معه، وتحييد أحزاب الفلسطينيين الأربعة ولهم 13 مقعداً، لا هُم معه ولا هو يريدهم لأسباب عنصرية من طرفه ومبدئية من طرفهم.
بيني غانتس حتى ينجح في تشكيل الحكومة مطلوب بالضرورة أن يكون حزب ليبرمان معه ومقاعده الثمانية حتى يصل إلى 52 مقعداً، وهذا غير كاف لتشكيل الحكومة، ولذلك أمامه عدة خيارات:
أولاً: أن توفر له الأحزاب الفلسطينية الأربعة غطاء من خارج مشاركتها في الحكومة، على ألا تحجب عنه الثقة طوال بقائه رئيساً للحكومة وبهذا تكون هي كتلة مانعة تحول دون إسقاط حكومته وتمنع إئتلاف نتنياهو من الحصول على أغلبية المصوتين لإسقاط حكومته، كما حصل في التجربة اليتيمة عام 1992، حينما شكل إسحق رابين حكومته من 56 مقعداً، وكانت الأصوات الفلسطينية الخمسة في ذلك الوقت كتلة مانعة تمنع سقوط الحكومة من قبل شامير الذي كان لديه في حينه 59 مقعداً.
ثانياً: أن يشق حزب الليكود ويكسب جزءاً منه كي يشارك في الحكومة بدون نتنياهو.
ثالثاً: أن يكسب أحزاباً من إئتلاف المتطرفين أو من المتدينين، وهي خيارات ثلاثة كل واحد منها أصعب من الأخر، ولكن في ظل تعقيدات تشكيل الحكومة، يمكن أن ينجح في أحد الخيارات وكل خيار له ثمن باهظ عليه أن يُلبيه، قبل الوصول إلى الخيار البديل والنهائي وهو العودة إلى صناديق الاقتراع لإجراء الانتخابات الثالثة خلال عام، وعلى الأرجح يكون عندها نتنياهو قد فقد مكانته على المشهد السياسي الإسرائيلي بعد تحويله للقضاء وحبسه على خلفية تورطه بقضايا فساد ورشوة وإدانته.
ومع ذلك يمكننا توجيه كل مفردات ومضامين الإدانة لسياسات المستعمرة الإسرائيلية، وهي محقة وصحيحة من عنصرية واستعمارية وارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان نحو الشعب الفلسطيني، وأنها تفتقد للشرعية الحقيقية وقامت على الاحتلال وطرد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه، وهي فوق القانون الدولي ولا تحتكم لقرارات الأمم المتحدة وتنتهكها، ومع ذلك فهي تملك عوامل استمرارها إلى أقصى مدى ممكن من الوقت، فهي تملك أولاً القوة المتفوقة التي تعتمد على قدراتها ومبادراتها الذاتية وتماسك مجتمعها حول أهدافها مهما بدت استعمارية وعنصرية، وهي تملك قدرا واسعا من الديمقراطية وتجديد الدماء والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وهذا سلاح ذاتي متطور لا يقل أهمية عن العامل الذاتي الأول بامتلاكها قدرات سياسية واقتصادية وعسكرية واستخبارية وتكنولوجية متطورة، ومقارنة بذلك كان الاتحاد السوفيتي يملك قدرات عسكرية هائلة واقتصادية وسياسية وتكنولوجية، ولكنه كان يفتقد للديمقراطية في تجديد نفسه من الداخل، فانهار بسبب غياب هذا العامل الأساسي والذي لم يصمد في مواجهة التحديات الخارجية لافتقاده لهذا العامل الحيوي من داخله.