د. فهد الفانك يكتب : الليبرالية بحاجة للتوضيح

هناك اصطلاحات يجري تداولها اعتماداً على سـوء فهم لها، فنظام السوق الاجتماعي الذي يتبنـاه الرئيس وحكومته يعني أن تلتزم الدولة بتقديـم خدمات شـعبية أساسية في مقدمتها التأمين الصحي وتعويضات البطالـة وتقاعـد الشيخوخة، ولا يعني بحال من الأحوال دعم أسـعار المحروقات والمواد الغذائيـة والأعلاف وما إلى ذلك، فالدعـم يلائم الاقتصاديات النفطية كأسـلوب لتوزيع الثروة الفائضـة لدى الحكومة، ولا يجوز بحال أن يكون الدعم ممولاً بأموال الدائنيـن، لأن ذلك يعني شـراء الوقت وترتيب التزامات على الشـعب بدفع الثمن الحقيقـي مع الفوائد في وقت لاحق.

كذلك فإن الليبرالية أخـذت تستعمل كشـتيمة سياسية، وكأنها تعني الفساد، فيقال مثلاً عن شـخص ما بأنه ليبرالي كمـبرر لإبعاده عن مواقع المسؤولية. ويبدو أن بعض المسؤولين أخـذوا يفهمون أنصار الليبرالية على أنهم الداعون لتفكيـك الدولة وبيـع موجوداتها والتعامل مع الأجنبي والتساهل مع الفساد. بل إن بعضهم يجسـد الليبرالية بأشخاص معينين جرت شيطنتهم. هـؤلاء يأخذون مفهـومهم لليبرالية من مقالات كاتب صحفي هو في الواقع سياسـي وليس فيلسوفاً أو منظراً اقتصـادياً.

الليبرالية يا سادتي تعني احترام حقوق وحرية الفـرد، والمحافظة على حقوقـه في مقابل الحقوق الجماعية للطبقـات أو الطوائف أو الأعراق والأصول، وتحديد قـدرة الدولة على الاسـتبداد وشل المبادرة الاقتصادية. إنها التقدم في وجه التخلف والرجعية والكبت، وهنا نلاحظ أن الترجمة العربية للحزب الليبرالـي هي حزب (الأحرار)، فهل خصوم الليبرالية يريدون طمس الفرد باسم الجماعة، وسيطرة الدولة على أرزاق الناس وأفكارهم؟ الوجه المضاد للنظام الليبرالي هو النظام الشمولي.

ليس أدل علـى ذلك من أن موطن اصطلاح اقتصاد السـوق الاجتماعي هو ألمانيا، فالنظام الاقتصادي الألماني هـو بالفعل اقتصاد سـوق اجتماعي، ولكنه يظل اقتصاد سـوق، وليس فيه دعـم استهلاكي ولكـن احتياجات المواطن الألماني الأساسية مؤمنة في التعليـم والصحة والبطالـة والتقاعد.

يذكر بالمناسبة أن الدستور الأردني ليبرالي بامتياز، ومن يرفض الليبرالية إنما يرفض الديمقراطية والمبادئ والمنطلقات التي قام عليها الدسـتور.