الحكومة ومخرجات لجنة الحوار
كان واضحا، لدى اجتماع دولة الرئيس بلجنة الحوار الوطني يوم السبت الماضي، أن الحكومة قد وجدت نفسها، عند محاولتها وضع توصيات اللجنة على شكل مشروع قانون تقدمه لمجلس الأمة، أمام أمور كثيرة لم تحسمها لجنة الحوار، فجاء الرئيس يستطلع الرأي حولها.
فالنظام الانتخابي حسب تلك التوصيات، سواء منه القائمة النسبية على مستوى المحافظة؛ أم قائمة الوطن، لم يكن متماسكا، ومن الضروري إعادة صياغته، في ضوء اعتبارات ثقافية وسياسية لدى مجتمعنا، بما يجعله عمليا قابلا للتنفيذ.
أولى هذه الاعتبارات تؤكد بضرورة إسقاط نظام القائمة على مستوى الوطن. فهذه لم تكن موضع توافق أصلا. علاوة على أنها، بشكلها الحالي، غير مقبولة حتى من قبل الذين نادوا بها. هؤلاء يعتبرون أن 50% من النواب يجب أن ينتخبوا بهذه الطريقة، وليس 10% فقط، على الرغم من أن الغالبية العظمى من اعضاء اللجنة لا يرون فائدة من هذا النظام أصلا، مهما كانت النسبة المخصصة له، ويجب تجاوزه بسرعة.
لذلك انصب معظم الحديث في الاجتماع على القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة. ومما كان يجب توضيحه هو كيفية الانتخاب، وفق هذا النظام. ما هو عدد الأصوات المتاحة للناخب لتكون له قوة انتخابية متساوية على مستوى الوطن؟ هل سيكون أربعة أصوات ليتساوى كل الناخبين في كل المحافظات مع ناخبي محافظة العقبة؟ أم أن حساب القوة المتساوية له معادلات أخرى، غير مجرد انتخاب عدد متساو من المرشحين في كل دائرة انتخابية؟
وعلى أي أساس سينتخب ممثل الكوتا في القائمة؟ هل هو النظام الأغلبي بين جميع مرشحي الكوتا في القوائم المختلفة في الدائرة الانتخابية الواحدة؟ أم له اعتبارات نسبية أخرى؟ وهل ستكون الكوتا النسائية بعدد الدوائر الانتخابية ؟ أم تثبت على أساس نائب واحد من كل محافظة؟
وكيف ستحسب القوة النسبية للقائمة؟ هل هي بالأصوات التي تنتخب القائمة؟ أم بالأصوات التي يحصل عليها المرشحون فيها أم بكليهما؟ وعندما تخصص المقاعد للقائمة كيف توزع هذه ولمن بين أعضائها؟ وما هو أثر ذلك على تشكيل القائمة أصلا؟
من المعلوم أن محاولات كثيرة قام بها رئيس اللجنة، دولة السيد طاهر المصري، منذ ما قبل اليوم الأول لالتئامها لضمان ألا يقاطع الكثيرون اجتماعاتها وعلى الرغم من محاولات دولته، إلا أن نجاحها كان جزئيا، نهاية الأمر، فقد استمرت جبهة العمل الإسلامي بمقاطعتها بقناعة غريبة، حقا، إذ هناك، منهم، من ما زال يصر على القول، اليوم، أن اي اجتماع لا يشاركون فيه يعتبر غير شرعي. لذا من المأمون الاستنتاج بأن قدرة دولته الفائقة على تجاوز كل العقبات التي وضعت في طريق عمل اللجنة، كانت حاسمة في الوصول بأعمالها إلى هذه النتيجة.
ومع ذلك هناك أمور كثيرة متروكة للحكومة ولمجلس النواب لتعديلها، وإعطائها شكلها النهائي، فهما المرجعية الأخيرة للجنة ولأعمالها. فالمهم دائما هو ما يمكث في الأرض.