كل يريدها على هواه
كل يريد دولة على هواه
اعني بالكل هنا اسرائيل وفتح وحماس والمنسق امريكا فكل يريد دولة على هواه وتحقق مصالحه الضيّقة والآنية ولا يلتفت للقادم ولا يهتم بالشعب المُحتل .
اسرائيل والقرار الآن لنتنياهو وحزبه وهو يريد دولة فلسطينية اقرب إلى افكار الأحزاب اليمينية الإسرائيلية وتحقق النظريّة الأمنيّة الإسرائيليّة وخاصّة الحدود الآمنة في الغور الأردني وعلى الحدود المصريّة (الأنفاق والمعابر ) وذلك لكي يضمن النتن النجاح في الإنتخابات القادمة للكنيست الإسرائيلي .
فتح بقيادة عباس (جناح امريكا ) تريد دولة مهما كانت وأيّا كانت حدودها المهم زعامتها بيده هو وبحيث تكون امريكا هي الضامن لبقاء هذه الدولة وديمومتها ورجالاتها مرضي عنهم اردنيا .فتح بقيادة دحلان (جناح اسرائيل ) تريد دولة مرتبطة اقتصاديا مع اسرائيل والضامنة لديمومتها إسرائيل ورجالاتها مرضي عنهم اسرائيليا وبعلاقات متوازنة مع الاردن ومصر .
حماس بقيادة هنيّة (جناح الداخل )تريد دولة على ارض غزة باقل إلتزامات ممكنة كالإعتراف والموافقة على اتفاقيات أُبرمت أو التوقيع على اتفاقيات جديدة وذلك لكي تحتفظ بهيمنتها على القطاع اطول فترة ممكنة .
حماس بقيادة مشعل (جناح الخارج ) تريد دولة على حدود 1967 بقيادة حزب حماس بعد تشكيله والتخلص من الصفة المسلّحة لحماس وتكون رجالات هذا الحزب مرضي عنهم اردنيا ومصريا وديمومة الدولة مضمونة امريكيا .
أمّا الولايات المتحدة الأمريكيّة فلها وجهة نظر يحكمها على الأغلب الإنتخابات الرئاسيّة المتكررة كل اربع سنوات والتي تهم الرئيس لفترتين وتهم الحزب الحاكم بشكل دائم لذلك هي تريد دولة فلسطينيّة ترضى عنها إسرائيل أولا وتحقق وعود الرئيس الأمريكي امام ناخبيه الأمريكان ويرأس هذه الدولة معتدلين فلسطينيين امثال سلام فياض وتكون على علاقات وطيدة مع الاردن قد تصل إلى شبه اتحاد كونفدرالي بينهما او على الأقل بين الضفّة والاردن ولو إضطرت الاردن لتغيير اسمها الى المملكة العربية المتحدة وعاصمتها عمّان كما كان ذلك إقتراحا من المغفور له بإذن الله الملك حسين عام 1972 .
وفي ظل هذا التشتّت تتراقص الكلمات على شفاه الزعماء من مختلف الأقطار والأمصار من على خشبة مسرح الأمم المتّحدة في نيويورك والدول المهمة في الموضوع حاضرة على اعلى مستوى ممثلة بقادتها حيث الكل يخشى أن توزع الكعكة بغيابه ويندم حيث لا ينفع الندم وحتى حماس قد يكون لها ممثلين في ذلك التجمّع بينما الغائب الوحيد هو الشعب الفلسطيني أو ممثلوه الحقيقيون فهو الضحيّة وسيبقى كذلك إلى ما شاء الله .
ففي نهايةالقرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرون اي خلال نصف قرن تجاوبت الدول لمطلب اليهود بإنشاء وطن قومي لليهود على ارض فلسطين وانشئوا دولة الإغتصاب على تراب فلسطين بينما العالم يجتمع منذ اكثر من ستون عاما لإنشاء دولة فلسطينية للفلسطينيين على الارض التي سُلبت منهم وحتى الآن لم يستطيعوا ذلك .
الفرق كان واضحا بين شعب يناضل من اجل وطن بكثير من المخلصين والدول الداعمة وفي المقابل شعب على ارضه فيه الكثير من البسطاء غير المبالين بالتحركات الصهيونيّة .
فانتصر اليهود بمكرهم ومغرياتهم وإعلامهم على الشعب الوادع الذي لم يكن تمرّس في دروب السياسة والغام الدهاء العالميّة ,وقامت دولة العدوان بخبث الصهاينة ومساعدة االغرب وخيانة البعض وبدأت معالم المنطقة تتغير بعد زرع هذا السرطان في المنطقة واختلفت مواقف الدول إزاء الفلسطينيين كما هي الآن .
رفضنا قرار التقسيم عام 1948 لجهلنا كشعوب ورفضنا سلام كامب ديفد بعدها بثلاثين عاما ورفضنا ما توصل اليه المرحوم ياسر عرفات في امريكا عام 2000 بحجّة الإتفاق على القدس وما زلنا نرفض والغريب اننا لا نملك أيّا من أوراق القضيّة نؤثّر فيها على غيرنا سوى ورقة الغيبيّة وهي توكلنا على الله في إنتزاع حقوقنا متناسين أنّ ذلك التوكّل بحاجة لقليل من القطران لنمحوا الجرب والصدأ الذي غلّف عقولنا لنحرق به بعد ذلك الظالمين .
نعم كلّ قرارات الأمم المتّحدة ظالمة ولا تلبي الحقوق الفلسطينية وكذلك إتفاقيات السلام مثل أوسلو وكامب ديفد ووادي عربة والقاهرة وواي ريفر وشرم الشيخ والخليل وغيرها وكلّها لن تعيد الارض الفلسطينية التي من اجلها استشهد الكثير من الشهداء العرب ولكن ما العمل قد يقول قائل لنصبر إنّ الله مع الصابرين ويقول غيره لننتظر اجيالا قادمة وآخ يتمنى ان تنتهي اسرائيل او امريكا من الداخل وقد يحرّم البعض الوصول الى حل مع الصهاينة وآخر يرى ان لا يجوز التخلّي عن القضيّة وشعبها واخرون يتمنّون عودة الجهاد كفرض عين على المسلمين
ولكن ماذا استفدنا من الإنتظار غير مزيد من الشهداء والأسرى والجرحى والمعاقين والدمار والتشريد وكذلك القرب من اسرائيل اكثر بحيث اصبح التفاوض هو الحل الوحيد والتطبيع دون مُقابل مطلب البعض تحت مسمّى التعاون الإقليمي والإستحقاق الدولي ,سنين قليلة ويموت من تبقّى ممن شهدوا فلسطين ومواليدها من اللاجئين وتصبح مطالبة الأحفاد وأولادهم بفلسطين كمطالبة اليهود عندما قدموا لها .
هذه ليست دعوة استسلام وإنما دعوة قلب مفجوع بالخسائر ومذهول بما يحصل وغير متأمل بالمستقبل في ظل قيادات فاوضت كثيرا وتنازلت اكثر ولم تترك شيئا للمناورة عليه .
{فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 23/9/2011