«ثقب الذاكرة» الحكومي: مكان تختفي فيه جميع الحقائق

اخبار البلد-


هل نعاني في الأردن والوطن العربي من «ثقب الذاكرة»؟ والذي يعني طريقة تغيير أو إخفاء الوثائق أو الصور، أو النصوص، أو غيرها من السجلات، ثم محاولة إعطاء الانطباع بأن شيئا لم يحدث على الإطلاق؟
هل يرفع المواطن العربي الراية البيضاء وراية الاستلام أمام لعبة الحكومات الإعلامية الزائفة؟ ماذا تعلمنا من خلال كل ما قرأناه وشاهدناه في حياتنا؟ تعلمنا أن آلاف الخبراء بما يملكون من أدلة دامغة لا يستطيعون التغلب على كذبة رسمية مفضوحة وبالغة الوضوح، بحسب بول كريغ روبرتس الكاتب في «فورين بوليسي جورنال».
«ثقب الذاكرة» هو منحدر صغير يؤدي إلى محرقة نفايات كبيرة تستخدم في الرقابة بعد أن استخدمه لأول مرة جورج أورويل في روايته «1984»، وهو أيضا صاحب رواية «مزرعة الحيوان».
في الرواية، «ثقب الذاكرة»، توجد فتحة يستخدمها المسؤولون الحكوميون لإيداع الوثائق والسجلات المزعجة سياسيا ليتم إتلافها. وقد كلف بالمهمة ونستون سميث، الذي عمل في «وزارة الحقيقة» بشكل روتيني بمهمة تنقيح المقالات الصحفية القديمة من أجل خدمة مصالح الدعاية للحكومة.
أليس هذا ما يحدث الآن حين يقوم بديل ونستون سميث باستخراج المقالات والمصطلحات القديمة من أجل خدمة الأجندة الرسمية ثم بعد الانتهاء منها تختفي في «ثقب الذاكرة» وكأنها لم توجد نهائيا.
ومن المفترض نقل الوثائق التي تم إيداعها في «ثقب الذاكرة» إلى محرقة نفايات لا يبقي شيئا منها حتى الرماد. ومع ذلك، وكما هو الحال تقريبا مع جميع ادعاءات الحزب في هذه الرواية، تترك الحقيقة غامضة ولا يعرف القارئ ما هي الوثائق التي تم إعدامها، أو متى سيعاد استخدام الوثائق القديمة.
أي إن هناك استخداماً مزدوجاً لفكرة «ثقب الذاكرة» فهو تجسيد مادي لنسيان كل ما كان من الضروري أن ننساه، ثم استدراجه مرة أخرى إلى الذاكرة عند الحاجة إليه، ثم نسيانه فورا مرة أخرى.
الحكومات العربية تستعيد ما تشاء من أرشيفها من أجل تشتيت وتخويف وبعثرة الرأي العام وتغيير الحقائق، وحين تنهي المهمة تنكر أصلا أن شيئا من هذا القبيل حدث أو صدر عن «الأخ الكبير». 
في الرواية تخضع  مقاطعة من دولة عظمى تدعى «أوشينيا»، في عالم لا تهدأ فيه الحرب والرقابة الحكومية والتلاعب بالجماهير، ويجسد «الأخ الكبير» طغيان النظام، وهو قائد يحكم كزعيم لا يخطئ، وإن كان ثمة احتمال أن لا وجود له. 
في الرواية أضيفت مصطلحات أصبحت شائعة منذ نشرها، ومنها: «الأخ الكبير»، و»التفكير المزدوج»، و»جريمة فكر»، و»الغرفة 101»، و»شاشة العرض»، و»2 + 2 = 5»، و»بئر الذكريات»، بل انتشرت صفة «أورويليّ» لتعني الخداع الحكومي والمراقبة السرية وتلاعب الدولة الشمولية السلطوية بالتاريخ الموثق.
نحن إذن أمام حكومات «أورويليّة»، فيما «الأخ الكبير» يراقب الجميع دون أن يعرف أحد حقيقة هذا «الأخ».