أبعاد العملية العسكرية التركية

اخبار البلد-

 

العملية العسكرية التركية ليست وليدة الساعة وإنما هي هدف رئيسي واستراتيجي ذو أولوية قصوى للقيادة في تركيا، وتأخير تنفيذها كان مسألة وقت لاختيار الوقت المناسب وتهيؤ البيئة الإقليمية والدولية المناسبة حتى لا تكلف تركيا اكثر من التصريحات الإعلامية لتسجيل مواقف لدول وقيادات امام شعوبها والرأي العام بينما تحقق تركيا إنجازا استراتيجيا جديدا في إطار طموحاتها الإقليمية.
هناك مساران لاستراتيجية تنفيذ الحملة العسكرية هما المسار الميداني للعمليات العسكرية والمسار السياسي الذي يسوق الواقع للعمليات الميدانية والعسكرية الجديدة ويتصدى ويبرر هذه العمليات ويتولى الرد على كل المواقف الدولية والرأي العام الإقليمي والدولي.
المسار الميداني العسكري يستهدف منطقة الشمال السوري بعمق حوالي 30 كيلومترا من الحدود الدولية مع سورية وعلى طول حوالي مائة كيلومتر من الحدود بين سورية وتركيا والتي تبلغ حوالي 460 كيلومترا، وبذلك يستهدف الجيش التركي السيطرة على ما مساحته 3500 كيلومتر مربع تقريبا.
هناك أهداف معلنة وأيضا أهداف غير معلنة للعملية؛ أما الأهداف المعلنة فغايتها كسب التأييد المحلي والخارجي للعملية من خلال السرد والإسهاب في المبررات وأهمها القضاء على النشاطات العسكرية للأكراد والتي تهدد الأمن الوطني التركي وفي واقع التقييم العسكري والأمني لهذا السبب فإن النشاطات العسكرية للأكراد في الأراضي السورية بالتأكيد لا تشكل تهديدا استراتيجيا او قوميا للدولة التركية، خاصة اذا أخذنا بعين الاعتبار بأن الأكراد يساهمون بشكل إيجابي وكبير في مواجهة الاٍرهاب والحرب على داعش ويعتقلون في السجون ما يقارب 5 آلاف عنصر من عناصر داعش.
والمبرر الثاني الذي تقدمه الحكومة التركية هو العمليات العسكرية والإرهابية لـPkk وبعض التنظيمات الكردية في العمق التركي، وهذه ايضا مبررات لايجوز تعميمها لشن حملات عسكرية داخل دولة اخرى، ولأن مقاومة مثل هذه العمليات من اختصاصات الأجهزة الأمنية والاستخبارية التركية وعدم السيطرة عليها يعتبر فشلا لتلك الأجهزة.
أما الأهداف غير المعلنة وهي المبررات الحقيقية للحملة العسكرية فتتمثل بما يلي:
بداية تنفيذ خطة دولية لتقاسم مناطق النفوذ والسيطرة على الأراضي السورية تتشارك فيها الدول اللاعبة بشكل رئيسي في الأوضاع في سورية وهي ايران وروسيا وإسرائيل والولايات المتحدة وتركيا التي ستوسع نفوذها في سورية من أقصى الشمال الغربي منطقة ادلب ودعمها للفصائل المسلحة السورية التي تحظى بحماية تركية ليمتد هذا النفوذ التركي الى اقصى شمال شرق سورية.
تحقيق جزء من طموح القيادة التركية التي تعبر عن نفسها في كثير من المناسبات بأنها زعيمة العالم الإسلامي السني المتحضرة والأقدر على تحقيق العدالة والدفاع عن حقوق المسلمين السنة.
وكذلك السيطرة على جزء من الجغرافيا الاستراتيجية العربية المهمة بما في ذلك التحكم بشكل اكبر بمياه الفرات.
من تداعيات خطة العملية إعادة إطلاق نفوذ ونشاط داعش الذي يخضع عناصره لسيطرة قوية لقوات جيش تحرير سورية، قوات الدفاع الذاتي الكردية، خاصة وان داعش كان يتمتع بتسهيلات لوجستية من قبل اجهزة الامن التركية مقابل عدم استهداف مصالح تركية.
تهديد المجتمعات الأوروبية بتصدير تدفقات من اللاجئين وبالطبع من بينهم عناصر داعشية وذلك لمقايضة الأوروبيين وسكوتهم على الأطماع التركية في الأراضي السورية.