{ألا ولا برّ له حتّى يتوب}




هنا حيث تنطلق الروح في رحلتها البحثية الأبدية عن مواطن البر ،وشواطيء البذل الودادي،وحيث تتلاقى الارواح الرهيفة في مساحات البيوت الرحبة ،التي بنيت لله ،وعبد فيها الله وحده لاشريك له ،تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ،{يسبح له فيها بالغدوّ والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} في فرائض وسنن ونوافل ،في سلم وحرب ،ورخاء وشدّة، وانتصارات ونوازل ،يلجأإليها عباد الله ، يذرفون الدمع السخين على أعتاب قاضي الحاجات ،ومجيب الدعوات ،واسع المغفرة ،سخيّ العطاء ،يبثّونه في سجودهم الممدود بين الأرض والسماء ،حاجاتهم وشجنهم وأحزانهم ،آملين ان لا يردّوا خائبين عن باب مولاهم المفتوح ابدا، لكل طارق ملهوف ،ومضطر مكروب، وتائب نادم ،وراج آمل ،وحاشاه ألا يجيب جلّ وعلا،وهو السميع المجيب.


ويشاء ربنا الحميد المجيد ،الذي بنعمته تتم الصّالحات ،أن يمتن على امة محمد صلّى الله عليه وسلّم ،بالعطاء الدائم والوداد الموصول ،فيشرع لهم يوم الجمعة ،فريضة متفرّدة بمعانيها وأركانها وأهدافها ومآثرها، وتفترض على الرّجال من الأمة ، ،لتكون لهم مقام تدارس وتباحث وتراصّ في الصفوف والأفكار،وتصبح فريضة الجمعة علامة لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم ،لا عذر لمسلم في تركها،ويؤكد المصطفى صلى الله عليه وسلّم على فرضيّتها ،وعظم الإثم على من تركها،ويشتدّ الخطاب النبوي الموجّه للأمّة وهو يحذّر من تغييب هذه الفريضة العزيزة على ربّها ،حتى يدعو على أولئك الذين يضيّعونها بلا عذر مقبول عند الله ،ويقرّ بأنّ التاركين لهذه الفريضة ،قد خسروا الخير كلّه ،فلا برّولا صلاة ولا زكاة ،ولا عمل صالح ،فقد أحبط عملهم بجحودهم هذه الفريضة ،وخاب مسعاهم وهم يتكاسلون عنها ،ويحقرون أمرها ،ولو كانت حجتهم في ذلك جور السلطان ،وما يترتب عليه من تغييب لفرائض الله وتعطيل لأحكام شرعه ،


ولا يبرّر لهم ذلك ترك الجمعة وما فيها من خير للأمة بأسرها فيقول صلى الله عليه وسلّم ،في خطبة له يقرّفيها فرضية صلاة الجمعة على الأمة في كل ظرف وزمان :{يا ايها الناس توبو الى ربكم قبل ان تموتواوبادروا بالاعمال الصالحةقبل ان تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا واعلموا ان الله عز وجل قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في عامي هذا في شهري هذا الى يوم القيامه في حياتي ومن بعدي فمن تركها وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في امره الا ولا صلاة له الا ولازكاة له ألا ولا حج له ألا ولا صوم له الا ولا صدقة له الا ولا بر له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه