فلسطين عربية وستبقى عربية والغزاة سيرحلون وسيمنون بالفشل وخيبة الأمل
ما اصطلح عليه بـ " صفقة القرن " مشروع فاشل مقدر له أن لا يرى النور لمغالاة الفريق المشكل منه والمتمثل بكوشنير وغرينبلات برئاسة ترامب المغامر فيما يطرحون بمشروعهم الذي يؤكد ما جاء في مشروع قومية الدولة اليهودية الذي أقره كنيست العدو ، وما جاء في كتاب نتنياهو الذي يترنح ما بين مطرقة الانتخابات التي لم تحسم الأمور لصالحه فيها وسندان الفساد الذي يتهدده بدخول السجن "مكان تحت الشمس" ، المليء بالتناقضات والمحشو بالمعلومات الكاذبة والأمثلة المضللة والمخادعة حول فلسطين وطن الشعب الفلسطيني التاريخي والمشروع ، هذا الكتاب يعتبر البرنامج السياسي والحكم لليكود وما أجمعت عليه مختلف مكونات الدولة العبرية من صهاينة وإدارة ترامب اليهودية .. فأنى يكون لفريق مغامرات كهذا القدرة على طرح حلول لقضية بهذا الاستسهال الذي وصل لدرجة الاستهبال ، ما يثبت جهلهم بمكامن ومداخل ومخارج قضية لطالما آلمت كل الخيرين في العالم ، الرافضين للظلم والاستعباد والاستهتار بحقوق الآخرين ، من قبل من يدعون أنهم رعاة حقوق الإنسان وحقوق الإنسان منهم براء.. وبما يفعلون يهددون الأمن والاستقرار العالمي الذي تطمح إليه كل شعوب الأرض ومختلف شرائع السماء ، فمجريات الأحداث تؤكد وقوف غالبية دول العالم مع الشعب الفلسطيني المظلوم والمناضل وقضيته العادلة في مختلف المحافل الدولية وبخاصة في المنظمة الدولية ممثلة بجمعيتها العامة ، داعية لمنحهم حقوقهم المشروعة وفق القانون الدولي وشرائع السماء والأرض ، فما يطرحونه كمقدمات لصدور الصفقة الوهم تناسوا فيها حقيقة مؤكدة أن فلسطين أرض السلام منها ينبع وفيها يسكن ومنها يرحل ، ورحيله عنها سيترتب عليه نذر شؤم على العالم بأسره.. فبريطانيا التي نجحت في زرع هذا الكيان فشلت في فرض قبوله الا بفعل الثواب والعقاب الأمريكي الذي مارسته مع الدول المستضعفة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنها مكنته من تثبيت قدمه فيه ، وأفول نجمها يعود لاحتضانها له ، كونها ضحت بحلفائها العرب الذين مكنوها من هزيمة الدولة العثمانية كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتضنه وتقدم له كل أسباب السعادة والقوة والإمكانيات مع أنهم أي العرب بنكها الذي لا ينضب ماله ومعولها الذي بفعلهم تفكك الاتحاد السوفييتي بعد هزيمة عسكرية في أفغانستان قوضت تماسك ولاياته جراء إثقال كاهله اقتصادياً بفعل الحرب التي مولتها أمريكا بالسلاح المدفوع ثمنه عربياً والعرب بالرجال فتفكك.. فمجريات الأحداث منذ تقلد دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض لا تنذر بخير للمنطقة ولا لأهلها ، بل بالشر المستطير ، فممارسات كوشنير وغرينبلات تظهر ذلك وتصريحات ترامب الهادفة لابتزاز دول يقصدها كلما شاء مقابل ما يدعيه بالحماية.
تصريحات هذا الفريق ترامب – كوشنير – غرينبلات المتناغمة مع رغبات نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف توحي إلى أنهم فاشلون ويتعاملون مع قضية شعب بقضية بيع وشراء من خلال ما يطرحونه ، تظهرهاعوامل عديدة ، أهمها عدم خبرة ترامب بمدخلات ومخرجات القضية بأكملها ، ولا أسباب تشكل الأزمة التي تبنتها بريطانيا عن حقد دفين لأهل المنطقة بزرع كيان لا وجود له أساساً على الأرض ، وإيهام العالم بأن ما يجري هو رغبة يهود المتواجدين منذ مئات السنين على الأرض الفلسطينية بإقامة دولة لهم ، فاستسهلوا عملية تسويق ما يطلقون عليها صفقة ، يفرض فيها تنازل أصحاب الأرض عن أرضهم لصالح يهود ، يعود عليهم من ورائها المليارات وعلى دولتهم التي اختارتهم للرئاسة وتسيير شؤون البيت الأبيض الأمريكي بالوبال.
فغرينبلات حين جرى تعيينه ليكون ضمن فريق ترامب الملقى على عاتقه إنجاز ما يدعونه بـ صفقة القرن لم يكن ملمّاً بالشأن السياسي حيث كان مستشاراً قانونياً داخل منظمة ترامب لنحو عشرين عاماً ، وهو لم يتوان منذ انتدابه للعمل في فريق ترامب عن استفزاز الفلسطينيين وإظهار انحيازه المطلق لـ أمن الدولة العبرية على حساب أمن الفلسطينيين ، وكان آخر ما طالب به المانحين للسلطة الفلسطينية وقف تمويلها .. وفلسفته تنطلق من أن القانون الدولي أو القرارات المكتوبة غير الواضحة لا تصنع سلاماً، متبنياً مواقف اليمين اليهودي المتطرف مدافعاً عن حقهم في ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة مكبراً بالتزام الولايات المتحدة بضمان أمن اليهود ، ترامب امتدحه بالقول أنه لن ينسى تفانيه في العمل تجاه الدولة العبرية وكذا الحال بالنسبة لكوشنير الذي وصفه أي وصف غرينبلات بأنه قام بعمل رائع في قيادة جهود الخروج برؤية اقتصادية وسياسية لتصفية القضية .. انحياز غرينبلات ومعه الفريق الأميركي بقيادة كوشنير والسفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان، للاحتلال في صياغة "صفقة القرن"، أدى لمقاطعة أصحاب القضية الأساس مهزلة القرن الأميركية منذ أواخر 2017، ونتنياهو لم يغفل تقديم الشكر لترامب على جهوده في دعم الكيان العبري حيث كان ملتزماً بشكل كامل بتبرير كل انتهاكات الدولة اليهودية للقانون الدولي ضد الفلسطينيين.. فثلاثتهم ترامب ، كوشنير ، غرينبلات حاولوا وما زالوا إخضاع الفلسطينيين وابتزازهم للموافقة على خطتهم التي كانت محكومة بالفشل وهذا دمر مصداقية الولايات المتحدة التي أصبحت أداة كأداء يديرها نتنياهو ضد الفلسطينيين داعمة لسطوة يهود وساديتهم في الإيغال بإلحاق الأذى والضرر بالفلسطينيين .
الولايات المتحدة اختارت الانحياز الكامل لليهود، والتوقف عن الترويج لحل الدولتين ، وتجنّب إدانة التوسع الاستيطاني اليهودي في الأراضي المحتلة بل نبررها لتضفي عليها الشرعية، لتفقد كل مصداقية ليس أمام الفلسطينيين فحسب بل وأمام كل من العرب والمجتمع الدولي الداعي للعدل والمساواة بين مختلف الشعوب .
لكن لي كلمة ، منذ عام 1948 تقلد حكام ورؤساء في العالم الغربي ومن يسير في فلكهم ، كانوا واثقين من أن الزمن يسير لصالح الدولة العبرية بفعل دعمهم المطلق لها وكانوا يتوقعون طمس القضية وتغييبها من القاموس العالمي لكنهم انتهوا وظلت القضية حية بنضالات شعبها ودعم الشعب العربي في مختلف الدول العربية لها وكذلك شعوب الأمة الإسلامية وشعوب الأرض الذين يكيلون بمكيال الحق والمساواة بين كل شعوب الأرض وكل مظلوم وليس بمكيالين كما تفعل غالبية دول حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، ففلسطين عربية وستبقى في الحضن العربي والغزاة سيرحلون وسيمنون بالفشل وخيبة الأمل.
abuzaher_2006@yahoo.com