تأجيل «صفقة القرن» مرة اخرى !

تصريحات السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان الأخيرة تشير إلى تأجيل ما يسمى بـ «صفقة القرن» إلى نهاية العام الحالي. وباعتباره أحد عرابي الصفقة وأكثرهم حماساً لأمن إسرائيل ولبناء المستوطنات فإن فريدمان يؤكد أن الصفقة لا يمكن أن تقدم إلا بوجود حكومة قائمة فعلية على أرض الواقع

الآن فإن هناك بروزاً لوقائع على الأرض يمكن أن تؤجل وإلى مسمى غير معلوم الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط بعد فشل جانبها الاقتصادي، ومن بين هذه الوقائع سيكون وضع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووضع نتانياهو وتشكيل الحكومة الاسرائيلية

في الجانب الاول فان ترمب تحاشى الإشارة الى نتائج الانتخابات الإسرائيلية في خطاباته الأخيرة ولقاءاته على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، كما ان مستشاري الرئيس ومن يدور في حلقته الضيقة ابتعدوا كثيراً عن الترحيب أو التعليق على تكليف نتانياهو بتشكيل الحكومة لعلمهم بالصعوبات التي تواجه تشكيلها

من ناحية أخرى فإن الرئيس ترمب سيكون مشغولاً خلال الأشهر القادمة بموضوع داخلي له أهمية وهو صراعه مع الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي والمساعي التي تقوم بها رئيسة المجلس لاستجواب ترمب على خلفية مكالمته الهاتفية مع الرئيس الاوكراني التي أدت إلى دفع الديمقراطيين لاستجوابه بحجة المس بالأمن القومي الأميركي. وهذه العملية طويلة جدا إذا تحتاج إلى أغلبية موجودة في مجلس النواب وسهل تمريرها لكن الأغلبية في مجلس الشيوخ هي للجمهوريين وتحتاج عملية الاتهام الى ثلثي المجلس وهو أمر صعب في ظل تفوق الجمهوريين في مجلس الشيوخ

من ناحية اخرى فإن تكليف الرئيس الإسرائيلي ريفيلين لنتانياهو بتشكيل الحكومة قد يواجه صعوبات بالغة في توفير الأغلبية 61 مقعدا في الكنيست. ولم يكن نتانياهو يتفوق على الجنرال بيني غانتس لولا انسحاب ثلاثة من القائمة العربية هم ممثلو التجمع الديمقراطي بتعليمات من عزمي بشارة من قطر إذ لولا الانسحاب لتم تكليف غانتس. وهناك من يقول أن العقدة هي في موقف وزير الدفاع السابق ليبرمان المستعصي والذين رفض التصويت لاي من الطرفين

مساعي تشكيل الحكومة ستأخذ وقتا كثيرا ونتانياهو معرض للمحاكمة ويريد بأي سبيل أن يشكل حكومة حتى يهرب ولو مؤقتا من السجن في حال ثبوت القضايا الثلاث عليه وهي اتهامات من شانها إسقاطه سياسياً وإلى الأبد ويكون مصيره السجن

في ظل هذا الوضع الأميركي والإسرائيلي والذي من شأنه تاجيل صفقة القرن فان الفشل سيلاحق كل مستشاري ترمب وعرابي الصفقة مثل جاريد كوشنير صهر الرئيس وجيسون غرينبلات وخليفتة آفي بيركوفيتش وديفيد فريدمان

الفلسطينيون هم الرابحون مما يجري على الساحتين الأميركية والإسرائيلية ولو مؤقتاً، فالرئيس محمود عباس أعلن مراراً رفضه لأي «صفقة قرن» أو غيرها لا تلبي حقوق الشعب الفلسطيني. وعليهم أن يلجأوا إلى الوحدة الداخلية الوطنية لمواجهة أي استحقاقات إقليمية أو دولية وبغيرها سيكونون من الضعف بحيث تملى عليهم المشاريع والصفقات المتعلقة بالحل السلمي لقضية فلسطين