أعظم وحوش التاريخ


انطلقت مجموعة من المسؤولين الفاسدين في رحلة جماعية. التقوا في دولة بعيدة. بعد أن أجرى كل فريق منهم المباحثات والمماحكات، ولوازم الضيافة والمجاملات الرسمية وغير الرسمية، قرروا أن ينزلوا الى البلد سوية ليتعرفوا عليها، وهذا أمر لا يفعلونه قط في بلدانهم، إلا بمياومات كبيرة.
ولما كان هؤلاء يخجلون من بعضهم البعض، فلم يذهبوا الى البارات وأماكن اللهو، بل قرروا أن يزوروا حديقة الحيوانات في تلك البلد، وهي أعظم حديقة في العالم، وفيها أعظم الكائنات على وجه الأرض.
شاهدوا الماموث والديناصورات المتنوعة، وأطول زرافة في العالم، وأضخم قرد، وأغلظ افعى وأرفع دب، ومروا على الكثير من الكائنات المذهلة التي لا وجود لها الا في تلك الحديقة العالمية.
ثم وصلوا الى مكان مغلق بباب من الحديد الصلب ولا يظهر ما بداخله، الا بعد ولوج الباب. على الباب وجدوا لافتة مكتوب عليها:
(تحذير ...تحذير ...تحذير)
هذه الوحوش خطيرة جدا، ولا يحلوا لها الا ان تقتل بعضها، وأن تقطع رؤوس بعضها، وتشرب من دم بعضها، بدون رحمة ولا شفقة. وهي لا تقتل لتحقيق احلامها أو مخططاتها، أو للأكل، كما تفعل الحيوانات المفترسة الأخرى، بل تقتل للتسلية وتمضية الوقت، وهي غدارة ليس لها أمان، تجيد المراوغة، وتستعمل جميع الطرق المعروفة وغير المعروفة في عمليات الإبادة، وقد تقتل في أي مكان وزمان، ولكل مفترس منهم مجموعة من الأتباع والشبّيحة والسحّيجة الذي يمن عليهم بالفتات وبقايا الدهن والعظام، ولا يقتلهم، الا بعد ان يشيخوا)
اجتمع أولئك المسؤولون على الباب، وشرعوا يتناقشون، هل ندخل أم لا ندخل، هل الأمر خطير الى هذه الدرجة.
- ندخل
- لا ندخل
- ندخل
-لا ندخل
- ندخل
المهم، نجح التيار الداخل وفتحوا الباب بكل توجس ودخلوا. لكن ما أن ولج آخر واحد منهم، حتى انغلق الباب أوتوماتيكيا.
ارتعبوا، وتجمعوا حول أنفسهم، ثم نظروا في الأرجاء. لم يكن هناك سوى المرايا تحيط بهم.