استقالة شرف.. تبرير بأثر رجعي
مثل كرة الثلج تدحرجت استقالة محافظ البنك المركزي الشريف فارس شرف وتحولت الى قضية رأي عام بدا منذ اللحظة الاولى متعاطفا مع شرف باعتباره مسؤولا دفع ثمن نزاهته.
وفيما الشارع مشغول بالبحث عن اجوبة شافية لاسباب الاستقالة الغامضة فجرت والدة شرف السيدة ليلى شرف قنبلة باعلان استقالتها من مجلس الاعيان لانها لا تريد ان تخدم في "دولة الفساد" على حد وصفها.
للوهلة الاولى تبدو استقالة السيدة الشجاعة انتصارا لابنها الذي ارغم على الاستقالة من منصبه, لكن الحدث كان قد اخذ مسار الازمة من يومه الاول, فجاءت استقالة السيدة شرف لتعطي لهذه الازمة بعدا سياسيا خطيرا.
ازاء هذا التطور في الازمة وجد رئيس الوزراء نفسه مضطرا للخروج الى الرأي العام لتبرير القرار بأثر رجعي, كان عليه في البداية ان ينفي ما تردد من اسباب للاستقالة, لكنه في المقابل لم يجد من المبررات غير اتهام شرف بأنه ليبرالي يعارض سياسات الحكومة المنحازة للشعب, وبأنه فردي كاد ان يغرق البنك المركزي بفرديته. وفي هذا القول محاولة مكشوفة لاستمالة الرأي العام المتعاطف مع شرف.
لكن هذا المنطق يطرح سؤالين: اذا كانت هذه هي الاسباب التي دفعت الحكومة الى اقالته فلماذا امتنعت عن توضيحها للرأي العام يومها? والسؤال الثاني : كيف تستقيم هذه المبررات مع قول البخيت بأن "شرف قدم استقالته ولم يقل"?
هل استقال شرف ام اقيل, وما هي الاسباب الحقيقية لاقالته, سؤالان لم يجب عنهما البخيت رغم استرساله في الشرح.
ولنضع جانبا الجدل حول الاستقالة والاقالة ونسأل: هل يعقل ان تدار قضية فنية بهذا السوء? وهل يحتاج تغيير في منصب رسمي الى ارسال قوة امنية لتمنع المسؤول المقال من الدخول الى المبنى? اي حكومة في العالم تقدم على سلوك بدائي كهذا?
في الطريق الى انقاذ البنك المركزي من الغرق في فردية شرف كما يقول البخيت اغرقنا البلد كلها بازمة في ظرف بغاية الحساسية.