صناعة البطل
في بلادنا من السهل أن تصنع بطلا، من السهل أيضاً أن تصنع عميلا في نفس الوقت...فالأعلام جاهز ويملك أدواته في ذلك.
أريد أن أتحدث عن قضية استقالة (فارس شرف) من البنك المركزي وأريد ان اطرح سؤالا مهما هل لدينا تفاصيل الاستقالة كاملة وأسبابها..بحسب ما اعرف أن البطولة تنشأ في الميادين بمعنى أن وصفي التل اضحى رمزا أردنيا وبطلا كونه قاتل..واستبسل وكان عسكريا محترفا وحابس المجالي في ذات الوقت..سجل فروسيته ورمزيته من خلال معارك الدفاع عن الوطن والشظايا التي استقرت في جسده.
بالمقابل لم تصنع البنوك ولا الاوراق المالية رموزا..واقرب دليل على ذلك هو خليل السالم الذي أسس البنك المركزي الأردني وقاتل في سبيل حماية الجهاز البيروقراطي...ومع ذلك لم يصل إلى رمزية وصفي التل أو حابس....والسؤال الذي أود طرحه لماذا تنقلب الذهنية الأردنية وبالتحديد الإعلامية بهذا الشكل...وتصنع من الجالسين في المكاتب الوثيرة رموزا.
معاداة البخيت لا تعني أبدا التحالف مع فارس شرف...وعدم الرضى عن أداء الحكومة لا يعني أيضا ان يصبح مدير البنك المركزي رمزا وطنيا..فنحن لم نتلق التعليم في اكبر جامعات لندن..ولا نحمل النموذج الأمريكي في الإدارة..ونؤمن ان هذه الفئة من الليبراليين الجدد هم أساس كوارثنا الاقتصادية والاجتماعية...فكيف ينقلب الإعلام في لحظة من الهجوم الكاسح عليهم إلى التحالف معهم.
إذا افقدنا الحكومة الشرعية القانونية في إقالة مدير بنك فماذا تبقى لها..وإذا قدمنا مدير بنك على رئيس وزراء في الاخلاص والتفاني فكيف لنا ان نطلب من رئيسها أن يكون بحجم التحديات...أحيانا أدرك ان هناك قرارات خاطئة تتخذها الحكومة..لا تبدأ بتعيين مستشارين ولا تنتهي بسلوكات غير مفهومة ولكن إذا أفقدنا رئيسها القدرة على اتخاذ القرار..فهذا يعني أن منصب الرئيس أصبح مجردا من الهيبة تماما.
صناعة الأبطال في العالم لا تتم على الورق ابدا...كون أبطال الورق وهميين وبطولتهم تزول مع الريح..فرواد نهج (الديجتال) كانوا في بداية العام (2000) أبطالاً وعباقرة في الإعلام ثم ما لبث أن انقلب عليهم..الزمن.
أطلب من الزملاء التريث في اكتشاف البطولات..أو صنعها ربما تخبىء لنا الأيام غير ما يقوله صحفي أطلق تصريحا على قناة الجزيرة...وقرر أن يجعل فارس شرف بطلا عند الأردنيين.
Hadi.ejjbed@hotmail.com