صور نادرة قبل النكبة للفنان ايليا كهفيدجيان في غاليري بنك القاهرة عمّان

 افتتح في غاليري بنك القاهرة عمّان يوم الاثنين التاسع عشر من الشهر الجاري معرضا للتصوير الفتوغرافي للمصور الفلسطيني ايليا كهفيدجيان، بعنوان ( فلسطين تتذكر ) يمثل مجموعة نادرة لصور أخذت لفلسطين قبل النكبة، وهي مجموعة متميزة تسلط الضوء على الحياة الاجتماعية ولقطات للعديد من الشخصيات التاريخية والتي كان لها الأثر الكبير في تاريخ فلسطين منذ بداية القرن الماضي. وتعتبر هذه المجموعة التي عرضت في غاليري بنك القاهرة عمّان، واحدة من المجموعات النادرة والتي تميزت بمستوى وجودة عالية في التصوير والطباعة، تضاهي مثيلاتها بتقنية الديجيتل المعاصرة، وهي بالأسود والأبيض، وقد جاء في كلمة الغاليري: "ايليا كهفيدجيان، فلسطيني الهوى، ارمني الولادة، في العام 1910، قرر منذ شبابه الأول، أن يكرس حياته كاملة لتوثيق معالم فلسطين و حياتها الاجتماعية، كيف لا وقد أبهرت القدس عين الشاب ايليا وحملت قلبه ما لا يحتمل، فوق ماساته الخاصة بفقدان عائلته كاملة في العام 1915 على يد الأتراك، وهو الخبير الذي رصد بعينه وقلبه ذاكرة نازفة ، عاشتها فلسطين منذ ما قبل الانتداب البريطاني واحتلال فلسطين التاريخية على يد العصابات الصهيونية في العام 1948، نقول ونحن نستضيف هذا المعرض المهم، عندما نقدر حجم المأساة التي عاشها كلاهما ايليا وفلسطين ونرى تفاصيل الحياة الفلسطينية في أعماله الفوتوغرافية، وهي تفاصيل نشكره على حفظها للتاريخ، في وطن مزقته حروب الجغرافيا واثقلت ذاكرته، بمأساة ما تزال قائمة." ثم يضيف : ايليا كهفيدجيان، عين الفلسطيني على وطن ضاع، وبلاد تسربت ذاكرتها في اتون الحرب، وهي عين ماهرة، مبدعة، رصدت بدقة الفنان علاقة الصورة بالمكان وعلاقة التفاصيل بالكل وسطوة الضوء والظل حين تصنعان المشهد، بكامل الأمانة المكانية ومهارة الفنان واختياراته، على أن المدهش في هذه المجموعة التي يقدمها غاليري بنك القاهرة عمان، هو جودة التصوير والطباعة في زمن مضى، كنا نعتقد خطأ" انه ناقص التقنية وضعيف النتائج، لنكتشف في هذه الصور، أن تقنية الأسود والأبيض وبراعة المصور في الطباعة اليدوية قد فاق ما توصلت إليه الصورة الآن في عصر الديجيتال، فهي صورة كاملة، محروسة بقلب محب للمكان والزمان، وهي ذاكرتنا التي توشك أن تغتال في عالم قرر أن يحرم شعب من أرضة وبيوت ومفاتيح من أهلها ، غير أن للتاريخ كلمة قالها قديما "وسيقولها حتما"، أن عروبة هذه الأرض، التي رصدها الفنان الراحل ايليا ستبقى ما بقي الحجر وما بقيت الذاكرة . معرض ( فلسطين تتذكر)، الذي قدمناه هو في سياق تقديمنا لمعارض تشكيلية محلية وعربية ، تتجاور مع التصوير الفوتوغرافي والذي هو سليل الإبداع مادامت عين المصور ترسم بالقلب والعين، مشهديه فريدة وتقدمها بحساسية اللون ومهارة الرسم . فخورون بتقديم هذا المعرض وكما وعد بنك القاهرة عمان سنظل نقدم الجمال ويكون الغاليري نافذة الفنان لعرض أعماله وإبداعه ، لجمهور الأردن ومحبي الفنون البصرية . ولد ايليا كهفيدجيان عام 1910 في مدينة أورفا التركية وحين كان في سن الخامسة، شهد الإبادة الأرمنية على يد الأتراك عام 1915 التي فقد خلالها عائلته كلّها، والديه وخمس أشقاء وثلاثة شقيقات وأعمامه وعمّاته، ولم يجد شقيقته الوحيدة التي بقيت على قيد الحياة إلا بعد ثمانية عشرة عاماً. تعرّض ايليا لتجربة مريرة في حياته، فلا مكان يأوي إليه، وقد بيع كعبد، وتمّت مطاردته من قِبل آكلي لحوم البشر، إلى حين قدوم المؤسسة الأمريكية للإغاثة في الشرق الأدنى إلى تركيا حيث قامت بتجميع عشرات الألوف من الأيتام الأرمن وأخذهم إلى لبنان أولاً ومن ثمّ إلى مدينة الناصرة، كان ايليا واحداً من هؤلاء الأيتام. رغب ايليا منذ طفولته بأن يصبح مصوّراً فوتوغرافياً ... وتعلّم على يد الأستاذين كريكوريان وتومايان. وعندما قدِم إلى مدينة القدس، انبهر بالأماكن التاريخية والمناظر الطبيعية وتعدّد طبيعة الأشخاص الذين قابلهم هناك، حينها قرّر أن يكرّس نفسه لمهنة التصوير الفوتوغرافي. بدأ ايليا بالتصوير في عام 1924 ولديه مجموعة تتكون من أكثر من 2500 صورة يعود تاريخ البعض منها إلى عام 1860. توفي ايليا كاهفيدجيان في 13 نيسان 1999 تاركاً وراءه إرثاً يجعل عائلته وكل من رأى صوره يشعر بالفخر والاعتزاز.