الطريق إلى الإنحطاط

 

 فيتاغورس ...ولد من أب فاضل كان يعمل في نحت الحجارة الكريمة يدعى فيثارخوس ومن أم فاضلة تدعى بارثينيس (العذراء)، و.. كان والداه من نَسَب عريق يعود في أصوله إلى البطل أنيسوس بن زفس، مؤسِّس ساموس وراعيها.. أسماه والده "فيثاغوراس" (حامل البشارة) بعد أن تنبأت له كاهنة ذلفس بمستقبل باهر لصالح الجنس البشري .. عاش طفولته الأولى مع أهله في صور حيث لجأت العائلة لتحمي وليدها من تلك الفوضى التي كانت تعمُّ آنذاك أرض اليونان الوليدة........

ومما قدم فيتاغورس عن معادلة العقل والإيمان ...

العقل من خلال العلوم والمعرفة والسعي الدؤوب لإعادتها إلى قدسيَّتها البدئية.. والإيمان من خلال الأديان والسعي الدؤوب المستمر لإعادتها من حيث الجوهر إلى وحدانيتها..

وهنا، تحديداً، كانت المحاولة الفيثاغورية ملفتة للنظر حيث.. كان الفيثاغوريون انطلاقاً من تفهُّمهم العميق للأصول المشتركة لجميع الأديان.. ينظرون إليها جميعاً، كجوهر وكعمق، انطلاقاً من مستويات المعرفة وتفاوتها عند البشر.. ونفصِّل هذه النقطة الهامة قليلاً حيث

لعل الفردية individualism هي من المسبِّبات الأساسية للانحطاط . وما نقصده بالفردية هو نفي أي مبدأ متعالٍ يفوق الفرد مما يعني، عملياً، حصر الحضارة في مختلف مجالاتها بما هو بشري فقط ليس غير ………………

   فالمجتمع الإنساني المؤلف ".. من المجموع الحسابي لأفراده يصبح غير خاضع لأي مبدأ سام يعلو بمضمونه على الأفراد، وبالتالي يسوده قانون العدد الأكبر.." ذلك القانون الذي يعني عملياً ".. قانون المادة، إن لم نقل قانون القوة الغاشمة.

 

ونسجل هنا أن ما كانت المدرسة الفيثاغورية تسعى إليه أساساً كان القضاء على هذه الفردية من خلال المعرفة والمحبة ……………….

قصيدة، تُنسَب إلى فيثاغوراس، وتعرف بـ"الأبيات الذهبية

 

ولسوف تعرف البشر، ضحايا المصائب التي ينزلونها بأنفسهم، وتعرف بؤسهم، وتعرف العاجزين، لابالنظر ولابالسمع، عن إدراك الخيرات القريبة منهم إلى هذا الحد، إذ.. قلة من بينهم تعرف كيف تنجو من الشقاء.. ذلكم هو القضاء النازل بنفوس الفانين.. فهي كالكريَّات تتدحرج هنا وهناك معرَّضة لآلام لاتنتهي..........

الشقاق، رفيقهم الفاجع، يودي بهم من حيث لايدرون.. الشقاق الذي يظهر لدى ولادتهم، والذي يجب الامتناع عن إثارته، وتجنُّبه بالانقياد له.. 

اعلم أن الموت ناموس لامفرَّ منه للجميع، ............

تعوَّد على فقد الأشياء في أية لحظة   بمقدار تعوُّدك على اقتنائها ……………..

أمّا المصائب التي يتحمَّلها البشر، من جراء التقادير الإلهية، فتحمَّل نصيبك منها بلاتذمُّر، ولكنْ.. فاجتهد في تصويبها بما في وسعك، و.. قل لنفسك إن المصائب التي يُبتلى بها الإنسان الشريف ليست بهذه الكثرة..

إن كلاماً كثيراً، فيه الطالح وفيه الصالح، يطرق مسامع البشر.. فلايساورنَّك خوف منه، ولاتَحِدْ كذلك عن دربك لكي تجتنب سماعه، و.. الزم الهدوء إذا سمعت كلاماً كاذباً..

بيد أن ما سأقول لك عليك أن تعمل به في كل الظروف: فلاتدعنَّ أحداً، قولاً أو فعلاً، يقودك إلى فعل أي شيء مما يتعارض مع طبيعتك الحقَّة، ...............

تفكَّر قبل أن تفعل تجنُّباً للحماقات فالفعل والكلام بلاتروٍّ صفة الجاهل  و.. أدِّ بالحري ما لن يعود بالضرر عليك ....

لاتفعل أي شيء بلاعلم به، وتعلَّم ما ينبغي أن تعلم.. تلكم قاعدة الحياة الهنيئة....

افعل ما لايسيء إلى طبيعتك الحقَّة، و.. تفكَّر قبل أن تفعل........

ومما ورد في الاسطورة

.. غِصْ في أعماق نفسك كي تتواصل من خلالها مع جوهر الأشياء.. المتألِّق في الأثير الطاهر.. دعِ الفكر يسيطر على الجسد و.. ترفَّع عن المادة كما تترفَّع النار عن الخشب الذي تلتهمه.. عندئذ، ستحلِّق روحك في أعالي الأثير الطاهر للعلل الأزلية

وتعليقا على ما ورد بلسان فيتاغورس ..لنا توضيح واستقصاء نظري ..

هذه الكلمات التي تحمل نبل إنساني ترفعنا من انحطاط الفردية معاناة البشرية وبطريقة اخرى الفرعونية التي موجودة في داخل اي فرد ان أتاح لها البروز والظهور في مناخ الأهواء ..

الفرعونية هي مفهوم عابر للغرب وللعرب ولا تعرف اي تقسيم او ارض لإنها تنتظر البروز والتملك عندما تغوص في مادية الوجود فكلما غاصت النفس فس طينها المتسربل بين جنباتها

وصاحبتها العوامل والظروف الخارجية من قارونها الى هامانها الى ذراتها التي تدنو في مدار الكترونتها..عند ذلك يمكننا ان نرى النموذجية الانحطاطية...فالفردية التي تعتقد أن شعاعها

يتمدد تنكر غاية من وجودها لإن الامتداد خيالي ووهمي فالإنسان كائن إجتماعي في صور الذات وبالتالي ينحدر بفرديته من حدوده الإجتماعية الى حدوده الطاووسية بطريقة غير واعية

مهما زينت لها الأشياء فبمجرد إزالة ادوات الزينة تتجرد النفس التي اعتقدت انها حرة لإنها

فردية ..فالكون كله خلق بضوابط من خرج عنها فليس حرا بل الكترون دار في مداره وفق هواه

ويبقي مقيدا في مدا الإلكترونه فهل هو حرا من قبل او من بعد مادام انه ذرة ضمن الكترونات في مدارات معدودة... فسبحان خالق الاكوان له الامر من قبل ومن بعد ..فسبحان من علمنا ان لا إله إلا الله ..

ولنضرب مثلا عن ادوات الزينة التي تدير ظهرها للفردية فقد ورد :

ولا يدعى اللئيم بعد كريما ولا الماكر يقال له نبيل ..

وورد في الكتاب المقدس .. ارفعوا الى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه من الي يخرج بعدد جندها يدعو كلها باسماء لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يفقد احد..

الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة