الخطيب: الاردن الاعلى عالمياً في نسبة فاتورة النفط مقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي


كشف خبير الطاقة العالمي الدكتور هشام الخطيب, ان الاقتصاد الاردني يدفع اعلى نسبة فاتورة نفطية مقارنة بالناتج المحلي وتصل الى 20 بالمئة منه.
واشار الدكتور الخطيب في حوار مع العرب اليوم الى أن هذه النسبة الكبيرة جداً جاءت جراء الاستخدام الكثيف للطاقة وجراء عدة عوامل طبيعية, كالموقع الجغرافي, اضافة الى عدم الترشيد في الاستهلاك وسياسة الدعم.
ودعا الخطيب الى توجيه الدعم في قطاع الطاقة للفئات الاقل دخلاً, ليصبح السعر رادعا بغية ترشيد الطلب.
وأكد ان الطلب على الكهرباء يصل الى 8 بالمئة سنوياً وهو بذلك يشابه الدول النفطية, وهي نسبة اعلى 400 بالمئة من المعدل العالمي البالغ 2 بالمئة.
وأعلن الدكتور الخطيب ان الغاز الطبيعي المصري يعتبر احد اهم مصادر معادلة الطاقة الاردنية, اذ تعتمد عليه المملكة بنسبة 40 بالمئة في سلة استهلاك الطاقة, داعياً الى التطلع لمصادر غاز جديدة كانابيب الغاز القادمة من ايران والعراق اضافة الى وحدات غاز مميع للاستيراد من قطر.
 وعبر الخطيب عن اعتقاده بأن التقنيات الجديدة في مجال الصخر الزيتي لا تزال جديدة ومطلقة, ولن يصبح مجدياً الا اذا تم تطويره في الولايات المتحدة.
وتساءل الدكتور الخطيب عن دراسة الجدوى الاقتصادية INTEGRATED RESOURCES STUDY  بشأن الخيار النووي في خليط الطاقة المحلي, ملخصاً الاعتراضات التي تعتري هذا البرنامج, في تحديد الموقع اضافة الى تكلفة التمويل والاستثمار العالية, ومشاكل تزويد النظام الكهربائي.
ودعا الى الخروج من حالة المناظرات بين مؤيدي ومعارضي البرنامج النووي الى النقاش العليم بين الطرفين واطلاع الرأي العام بشأنه.
وعن مشهد الطاقة العالمي اعتبر انه لا يختلف عن واقعه قبل 40 سنة, وسيبقى كذلك في ال¯ 90 سنة المقبلة, حيث سيبقى الوقود الاحفوري يسيطر على المشهد العالمي للطاقة.
وقال: ان النفط الرخيص توقف عند مستوياته الحالية البالغة 70 مليون برميل, فيما العالم ينتج 18 مليون برميل يومياً من النفط الصناعي, ومن مصادر اخرى كالغاز والفحم والقار والبيو فيول وغيرها, وهو ما يدفع الاسعار الى البقاء في مستويات حول 100 دولار وأكثر في المدى المنظور.
واعتبر ان سعر النفط العالمي عادل ويعكس اساسيات السوق, اي العرض والطلب ولا ينجم عن المضاربات في الاسواق العالمية التي يكون اثرها محددا ولفترات وجيزة.
وردا عن سؤال ان الاردن لا تتوفر فيه مصادر للطاقة الاحفورية في منطقة تعد الاكبر انتاجا قال ان ذلك الامر مستغرب, لكنه طبيعي, اذ ان الاراضي الفلسطينية ولبنان لا توجد بها مصادر للطاقة ايضاً وهي مناطق محاذية للاردن.
كثافة استهلاك الطاقة
وأكد الخطيب أن الاردن دولة كثيفة الاستهلاك للطاقة, وهو ما رده الى جملة من العوامل من بينها طبيعي مثل وقوع المملكة في موقع متوسط باعتبارها دولة ترانزيت وعبور للشاحنات, خاصة مع دول الجوار الاقليمي, اذ توجد أساطيل من وسائل النقل مع الدول المجاورة.
واشار بهذا الصدد ان الملكية الاردنية مثلاً تقدم خدماتها الى المنطقة برمتها. وبذلك فإن الاستخدام الاردني للطاقة في جزء منه ليس للحاجة الذاتية وانما لصالح دول الجوار.
اما العامل الآخر فهو أن طبيعة الاستهلاك الهائل للطاقة في قطاع الصناعة الاستخراجية مثلاً, اضافة الى المحاجر والمقالع, وبشكل مغاير للصناعات الاخرى كالصناعات الالكترونية المتقدمة والنشاطات الاقتصادية الاخرى. ولكن هذه هي طبيعة الثروة الاردنية.
وعن العوامل الاخرى, قال الدكتور الخطيب: الاردن استثمر في صناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل الاسمنت, ووصل الى مرحلة ان تم تصدير هذا الاسمنت للخارج, وهذا يعني ببساطة أن الاردن يصدر كميات مستوردة من النفط الى الخارج.
لكن الخطيب استدرك بالاشارة ان صانع القرار الاقتصادي حينما فكر بالاستثمار في هذه الصناعة, كانت اسعار النفط تصل بمستويات زهيدة لكن حالياً أسعار الطاقة ارتفعت بشكل كبير وبالتالي اصبحت صناعة الاسمنت تعاني الامرين جراء ذلك .
وأعتبر أنه من الخطأ الكبير جداً الاستثمار في صناعات مستهلكة للطاقة حالياً وفي المستقبل لدولة مستوردة للوقود من الخارج, نظراً لان أسعار النفط يتوقع لها استمرار الارتفاع.
سياسة الدعم
وقال الدكتور الخطيب ان الاردن رغم انه دولة لا توجد فيها مصادر للطاقة الا انه اصبح بلدا كثيف الاستخدام للطاقة. واحد اسباب كثافة استهلاك الطاقة, يعود وفقاً للخطيب الى دعم اسعارها, وهو بهذا الصدد يدعو الى سياسة تحرير اسعار الطاقة اجمالا اذ ان الكهرباء تباع حالياً بنصف التكلفة على الشركات اضافة ان الديزل يباع ايضاً بأقل من التكلفة فيما البنزين يباع بنفس سعر تكلفة الاستيراد.
وكشف خبير الطاقة الدولي, ان الاردن يتميز بأن لديه أعلى مستوى فاتورة طاقة نسبة الى حجم الاقتصاد, على مستوى العالم, اي بمعنى ان الاقتصاد الوطني يدفع 20 الى 25 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي فاتورة استهلاك الطاقة.
وتابع: انا ضد سياسة الدعم للمشتقات النفطية, وهي سياسة تؤدي للتبذير, استخدامنا بالاساس للطاقة كثيف ومختل, فالبنزين مثلاً يباع حالياً بنصف السعر العالمي وفي تركيا واسرائيل يوجد ضعف الاسعار في الاردن.
وأشار انه حتى الدول المنتجة للنفط اصلحت هياكل اسعار الطاقة ففي ايران مثلاً, تم البدء ببرنامج اصلاح عميق لاسعار الطاقة, والسعودية اذا استمرت بنفس هياكل اسعار الطاقة الحالية فإنه خلال 30 سنة سيذهب اغلب انتاجها للاستهلاك المحلي.
ويعتبر الخطيب ان أسوأ سياسات ممكن ان تتخذ في قطاع الطاقة هي سياسة الدعم واثرها على الاقتصاد برمته داعياً الى وجوب أن يتم دعم الفئات الفقيرة, فالكهرباء يجب ان يكون هيكل الدعم فيها لاول 160 كيلو واط, ولكن هي حالياً لاول 750 كيلو واط كهرباء.
وقال الخطيب: اذا أصبح سعر الطاقة رادعا ويعكس الكلفة فإن المواطن مجبر على الترشيد والتوفير في الاستخدام.
وعبر عن اعتقاده ان اسعار الطاقة والوقود اجمالا هي اسعار منصفة وغير مبالغ فيها.
ورداً على سؤال عن أسعار زيت الوقود الثقيل في الاردن وهل هي مشابهة للخارج, ذكر انها مطابقة لمستوياتها في الخارج وليس لواقع تكرير المصفاة اثر في الاسعار, لكن مشكلة الانتاج المحلي من زيت الوقود الثقيل هي نوعية الانتاج وخاصة في الشق البيئي ونسبة الكبريت المرتفعة.
كما ان الدول الاخرى أصبحت تتجنب انتاج زيت الوقود الثقيل, لكن في الاردن مثل هذه العملية غير موجودة لدى المصفاة بواقعها الحالي وتحتاج الى مشروع توسعة لزيادة مرونة المصفاة, ولكن بالنسبة للنوعية فإن مصفاة البترول تنتج وقودا بكافة الاصناف مشابها لذلك الذي تنتجه باقي المصافي في العالم.
وعن بقاء المصفاة أشار ان استمراريتها مصدر ثروة وطنية للأردن.
وعن الغاز المصري, ذكر الخطيب انه يعتبر أهم مصدر في معادلة الطاقة الاردنية, اذ ان المملكة تعتمد عليه بنسبة 40 بالمئة من مصادر الطاقة, ووجود الغاز يشكل مساعدة كبيرة للأردن وخاصة في انتاج الكهرباء.
واعتبر ان الحالة الكارثية التي يعيشها قطاع الطاقة جاءت جراء انقطاع الغاز المصري, فتراكمت مديونية شركة الكهرباء الوطنية, مضافاً اليها الدعم الوافر لأسعار الكهرباء.
ودعا الخطيب الى التطلع للحصول على الغاز المميع من الخارج, مثل قطر, لكن هذا النوع من الغاز ذو سعر اعلى جراء عمليات النقل وتمييع واعاد اطلاق الغاز, لكنه يبقى ذا سعر ارخص من زيت الوقود الثقيل ومن استيراد النفط.
وعبر عن أمله بوجود مصدر جديد للغاز الطبيعي من الشمال, عبر سورية وخط ناقل من العراق وايران, وايجاد مصدر آخر للغاز المميع رغم تكلفته المرتفعة, اذ يكلف انشاء وحدات لهذا الغرض 500 مليون دولار لكن الاقتصاد تكلف عبء ديون بأعلى من هذه القيمة ودعم اسعار الطاقة خلال الفترة الماضية بذات تكلفة انشاء مركز للغاز الطبيعي في العقبة.
وعن الاختلالات في هياكل الطلب, لفت الخطيب الى وجود خلل قديم جديد لم يستطع الاردن التغلب عليه الا وهو, نظام النقل العام, وعدم وجود نظام نقل مميز يقضي على الزحام في السيارات.
الطلب على الكهرباء
واشار ان الطلب على الطاقة والكهرباء ينمو بنسب عالية وغير معقولة (5 بالمئة الى 8 بالمئة), وهي 3 أضعاف النسب العالمية. وأعلى من النمو السكاني البالغ 2 بالمئة.
وزاد على ذلك: النمو في الطلب على الكهرباء, يشابه دول الخليج, مما يدعم وجهة النظر القائلة بأن سلوكنا كاقتصاد نفطي. ففي الولايات المتحدة النمو يسجل 1.5 بالمئة وأوروبا يصل إلى (صفر) بالمئة, وفي الدول العربية الطلب يركض بسرعة وإمكانات الدولة تحاول اللحاق به, واعتقد ان الاسراف, هو سبب رئيسي لذلك, فتكلفة كل محطة 400 إلى 500 مليون دولار, ونحتاج مثل هذا الاستثمار كل سنتين الى 4 سنوات.
واضاف: الطلب الحالي على الكهرباء 2600 ميجا واط وحينما يكون النمو بالطلب 6 بالمائة نكون في حاجة الى 170 ميجا واط سنوياً والى محطة جديدة كل عامين, وهذا يحتاج استثمارات ضخمة.
وعن سبب نجاح قطاع الكهرباء وادارته في الاردن, ذكر انه يعود الى سياسة الحكومة الاردنية, التي بنت قطاع الكهرباء, كقطاع حكومي ولكن يدار بأسلوب بعيد عن الروتين الحكومي, (تجاري). ولو بقي وزارة لكان فشل منذ عقود والآن تمت خصخصته لكن بنفس الادارات السابقة.
تنويع مصادر الطاقة المحلية
وعبر الخطيب عن أمله في ان يكون لتطوير حقل الريشة دور مستقبلي في قطاع الطاقة, حيث انه اكتشف قبل 25 سنة وطور بمصادر وكوادر محلية ولا يزال ينتج بنفس الاسلوب, ويعتقد ان وراءه مخزون جيد, والتقنية الحديثة من الممكن ان تنتج الغاز بكميات أكبر, والتطوير الذي تقوم به بريتيش بتروليوم يحتاج 5 سنوات.
وعن الصخر الزيتي ذكر ان التقنيات لا تزال جديدة ومكلفة, وعبر عن اعتقاده انه لن يصبح مجديا في الاردن الا اذا طورته الولايات المتحدة او الاوروبيون, لكن يبقى بواقع الاستثمار العالي الحالي افضل من شراء النفط, والتكنولوجيا لا تزال عالية السعر وحتى التقنية الاستونية عالية الاسعار, ولا تنافس الغاز الطبيعي, لكنها تبقى مصدا أفضل من النفط الخام.
وقال: أرى ان الخيار الانسب أنابيب الغاز, فأي مصدر من الشمال يضاف الى المصدر القادم من الجنوب (الغاز العربي) وتطوير القطاع لخيارات الاستيراد من أكثر من مصدر خاصة في العقبة عبر منشآت خاصة هو الافضل للاردن.
واشار الدكتور الخطيب ان الظروف أثبتت ان الاعتماد على مصدر واحد للطاقة كارثي. كما يجب ان نبحث في أمن الطاقة وخاصة في موضوع الغاز, فمصادر استيراد النفط الخام متنوعة ولكن الغاز محدودة, ويجب علينا ان نتعلم من دروس الشهور الماضية.
وشدد على ضرورة ان تكون فكرة خط الانابيب بين العراق والاردن جدية, وأن يصل الخط الى العقبة حتى يصبح مجديا اقتصادياً للاردن, وحتى توفر على العراق أموالا طائلة في النقل الى اوروبا, وبذلك يكون الاردن مستفيدا بدرجة عالية من هذا المشروع. فالاستهلاك المحلي من النفط الخام لا يتجاوز 5 ملايين طن سنوياً والمشروع مجد للطرف العراقي اذا تم إيصال الانابيب الى العقبة لنتزود بنحو 10 بالمئة من قدرة الانبوب والباقي يتم تصديره الى أوروبا.
وعن المصادر المتجددة للطاقة, ذكر الدكتور الخطيب أنا أؤيد هذه المصادر خاصة الشمسية التي لها استخدامات ناجحة ومن بينها تسخين المياه بالطاقة الشمسية.. في اسرائيل وقبرص مثلاً, يجبر أصحاب البناء الفردي على بناء السخان الشمسي نظراً للاقتصاديات العالية لمثل هذه المشاريع.
وعن توليد الكهرباء من المصادر الشمسية قال الدكتور الخطيب انه لا يزال غير مجدٍ اقتصادياً حتى الان, ففي أوروبا الطاقة المتجددة تتركز على طاقة الرياح, وتقام المراوح في البحر كما في ألمانيا واسبانيا, اما في الاردن ودول الخليج العربي فتتوفر لدينا مصادر طاقة شمسية عالية, وأساليب التخزين لهذه الطاقة غالية جداً وتحوي مشاكل فنية عالية, مقارنة مع الطاقة الاحفورية.
ولمعالجة الوضع الكارثي في ملف الطاقة دعا الخطيب, الى سرعة عودة ضخ الغاز المصري, والعودة إلى سياسة الترشيد وخفض الدعم لتقليل الطلب. وإدخال التقنيات الحديثة.
الخيار النووي
ورداً على استفسار حول الخيار النووي, هل هو افضل أم الاستثمار في الصخر الزيتي? قال الخطيب: اعتقد في الصخر الزيتي يحتاج المستثمر لضمانات مالية ضخمة والاستونيون مثلاً يحتاجون لهذه الضمانات, لكن اذا اكتفينا بحقل الريشة مستقبلاً اين ستذهب استثمارات الاستونيين, وهذه الضمانات المالية الضخمة لا تقدر ان تقدمها الحكومة الاردنية وليست بالسهولة الممكنة.
وتابع: في استثمار الصخر الزيتي, نحتاج الى تكلفة مالية ونسب مخاطرة عالية, فقد يفترض أن سعر برميل نفط 100 دولار ولكن اذا تراجع الى 80 دولارا فإن الصخر الزيتي سيصبح عبئا ماليا على الحكومة.
وفي المشروع النووي, فأول واهم تساؤل يطرح: هل تمت دراسة جدوى اقتصادية INTEGRATED RESOURCES STUDY? ففي قطاع الطاقة نحتاج الى عدة مصادر: غاز, نفط, صخر زيتي , غاز مميع..الخ ونحتسب كلف مقارنة, ولم تتم هذه الدراسة للقطاع فيما يخص البرنامج النووي, وأرجو ان لا نكون قد قفزنا قبل ان نجري هذه الدراسة.
وأكد الدكتور الخطيب انه من المؤمنين بالكامل في الطاقة النووية, لكن حادثة فوكوشيما دلت على ان الطبيعة اقوى من الاحتياطي الانساني. وما جرى نكسة لملف الطاقة النووية لكنها لن تقضي عليها.
واشار الى اعتقاده أن كلا من الصين والهند وكوريا ستستمر في خياراتها النووية, بإعتبار انه ليس لديها بدائل أخرى, لكن أوروبا توقفت والولايات المتحدة توقفت عن التطوير منذ عقود.
وزاد على ذلك, كنت أرى في السابق ان الرأي العام غير منصف, ولكن فوكوشيما أعاد تفكيري من جديد, اذ ان ما حصل لو جرى في محطة طاقة عادية لكانت المشاكل محدودة جداً, ففي قبرص مثلاً انفجرت محطة طاقة حرارية, ولم يتضرر أحد, وفي اليابان تحول الانفجار الى كارثة عالمية.
وعن واقع الحال في الاردن, قال قيمة الاستثمار ستكون عالية جدا متسائلاً, اين سيكون موقع المحطة? فمن الطبيعي ان تكون العقبة لمصادر المياه, وأصبح هذا الخيار متعذراً, وفي مناطق الشمال ليست هناك مصادر للمياه, فهل تمت دراسات لمواقع الشمال, وكلما ابتعدت عن البحر لن يكون هناك خيار لتحلية المياه.
وأعتبر انه من القضايا المهمة في الخيار النووي, قضية التزويد (DISPACH) وهذا الموضوع لا يتحدث فيه أحد شارحاً, حجم المحطة النووية ضخم جداً, وقد تتوقف لأحد الاسباب, ويتسبب في هبوط النظام الكهربائي, لذا يجب بناء احتياط له بنفس المقدار, وبالتالي فإن هذا الخيار لم يعد اقتصاديا.
ولخص خبير الطاقة العالمي الدكتور هشام الخطيب الاعتراضات التي تعتري البرنامج النووي الاردني لتوليد الطاقة, بالموقع الجغرافي للمحطة اضافة الى الكلفة المالية العالية وقضايا التمويل اضافة الى مشاكل التزويد بالطاقة الكهربائية للنظام برمته.
وقال: ارى في البرنامج الاردني أن المؤيدين نظرياتهم مقنعة كما ان المعارضين أيضا نظرياتهم مقنعة, ويجب أن يكون هناك نقاش للخروج بالبدائل, وليس مجرد مناظرات عشوائية, والنقاش ضروري في أي موضوع جدلي. وما نراه على الساحة حالياً هو ندوة مؤيدة وأخرى معارضة. والبداية اولاً واخيراً تكون, في دراسة جدوى اقتصادية.
مستقبل الطاقة العالمية وتوجهات الاسعار
واشار ان مستقبل أسعار النفط لن يختلف عن الحاضر, فحتى نهاية القرن الحالي سيبقى العالم يعتمد على النفط والوقود الاحفوري, دون ان يحل مكانه أية مصادر اخرى.
وأوضح الدكتور الخطيب, قبل 40 سنة حدثت ازمة النفط العالمية (1973) والمشهد الان لم يتغير عنه قبل 40 سنة, فالعالم كان يعتمد بشكل اساسي على النفط وبقي كذلك, وبالنسبة للطاقة النووية لم يجر تغيير على نسبة مساهمتها فيما زاد الاعتماد على الغاز اضافة الى استمرار الاعتماد على الفحم وطاقة المياه, وفي الاعوام ال¯ 40 المقبلة لن يتم تغيير حقيقي في مصادر الطاقة, وحتى نهاية القرن الحالي لا يتوقع ذلك أيضاً.
وأرجع ذلك الى انه في قطاع الطاقة التغييرات التي ستراها في عام 2050 ستبدأ بتشييدها اليوم, والعالم اليوم لا يزال يعتمد على النفط والغاز.
وقال: للأسف العالم حالياً يعتمد على الوقود الاحفوري وسيبقى يعتمد عليه حتى نهاية القرن الحالي وهو ما لا يحبذ سماعه الناس, وان كانت الدوافع السياسية والخوف على أمن الطاقة, خاصة في أوروبا, تدفع البعض للقول بان النفط سيقل الاعتماد عليه.
واضاف الخبير الخطيب: اعتقد ان النفط الرخيص (القادم من باطن الارض ومصادره دول الخليج ونيجيريا وفنزويلا..الخ) قد توقف وانتهى تطويره لمزيد من الكميات, والان التفكير هو في مكملات النفط (النفط غير التقليدي), أي النفط الصناعي.
وتابع: كثير من النفط هو من هذا المصدر, ففي المستقبل فإن الفحم سيتحول الى نفط, وفي قطر الغاز يتحول حالياً الى نفط. ومن هذا الجانب سندخل إلى تحويل الصخر الزيتي الى نفط, والسوائل المرتبطة مع الغاز الطبيعي هي نفط, وزيت القار في كندا يتم تحويله الى نفط, وفيه كميات بترول توازي النفط السعودي, وهو غير اقتصادي بشكل كاف وفي المستقبل سيكون اقتصاديا, والوقود الثقيل في فنزويلا حالياً غير اقتصادي وكمياته توازي كميات النفط السعودي, وسيصبح اقتصاديا في المستقبل, وهذه الكميات ستكفي العالم حتى نهاية القرن الحالي.
وكشف ان العالم لن يصل الى مرحلة الذروة تجاه النفط (Peak oil) وما سيحصل هو (peak demand) وهو وصول الطلب الى مرحلة الذروة وهو ما يحصل حالياً في اوروبا ويتوقع ان تشهده الولايات المتحدة مستقبلاً, فيما سيستمر الطلب في دول العالم الثالث والصين والهند بالزيادة, ولكن هذا لا يعني تراجع اسعار النفط, اذ ان النفط الرخيص ولى الى غير رجعة.
وشرح: النفط الرخيص (الموجود في الخليج العربي وفنزويلا ونيجيريا وليبيا..الخ) لم يعد يتوسع, فكميات إنتاجه تبلغ 70 مليون برميل يومياً, والعالم الان يستهلك 88 مليون برميل, وال¯ 18 مليون برميل الباقية, نفط غير رخيص وفيما النفط الرخيص, بسعر بأعلى ثمن لصنوف النفط الغالي.
وقدر الدكتور الخطيب ان يزداد الطلب على النفط وصولاً إلى 100 مليون برميل يومياً, وبعدها يتوقع ان تتوقف الزيادة في الطلب, فالعالم يتجه الان الى التوفير في استهلاك الطاقة, وبالنسبة للتزويد هناك بدائل تطوير دائمة, فالطلب سيصل الى الذروة, أما بدائل التزويد فهي واسعة.
وخلص الدكتور الخطيب الى القول: انا قضيت حوالي 50 سنة من البحث في قطاع الطاقة المحلي والعالمي, وارى ان العالم سيبقى يعتمد على النفط, حتى نهاية القرن الحالي.
وعن التوقعات للأسعار, يعتقد انها ستزداد ولكن ليس كثيراً, اذ أن ما يحكم ذلك هو تكاليف انتاج النفط غير الرخيص اي (marginal pricing), اي انتاج البيوفيول وتحويل القار الى نفط, والصخر الزيتي الى نفط وتحويل الغاز والفحم الى نفط...الخ, وهذه تكلف 80 الى 110 دولارات للبرميل, واعتقد انه تدريجياً سيزداد, نظراً لزيادة الطلب العالمي وزيادة الاعتماد على النفط غير التقليدي... القناعة تتركز على ان النفط الرخيص انتهى عند 70 مليون برميل يومياً, والنفط غير الرخيص, هو من يحدد الاسعار, فالبترول السعودي تكلفة إنتاجه 5 دولارات لكنه يباع بسعر النفط الغالي.
وعن أثر المضاربات في الاسواق العالمية على اسعار النفط, ذكر انها ذات اثر قصير, وليست استراتيجية التأثير على اسعار النفط, ومن يحدد اسعار النفط هو اساسيات السوق, العرض والطلب اي (market fundamentals) ... والسوق العالمي لا شك انه يعكس السعر الحقيقي والعادل للنفط.
وذكر ان الازمة المالية العالمية تسببت في تراجع الطلب على النفط وبالتالي خروج النفط الغالي من معادلة العرض وصار معظم العرض هو السعر الرخيص, وانخفض السعر الحدي للنفط واعتقد ان هذا لن يتكرر والاسعار ستبقى بين 80 الى 130 دولارا للبرميل في المدى المنظور.