العودة إلى العصا في المدارس!

 


 


أشعر بأسى عميق على الحال الذي آلت إليه لغتنا العربية في أوساط طلابنا، بالأمس ناشدني الله مواطن بحرارة وحرقة أن أثير هذه القضية، ولم أكن بحاجة لمثل هذه المناشدة بعد ان شاعت أمية اللغة العربية بين طلابنا من الصف الأول ابتدائي وحتى الجامعة، سواء بسواء!

ضرب لي المواطن العزيز مثلا بطلاب السادس ابتدائي الذين طلب منهم نسخ أحد الدروس فلم يستطع الاستجابة للطلب إلا ثلاثة طلاب فقط، يندر أن تجد نصا يكتبه طلابنا دون أن تجده زاخرا بالأخطاء الإملائية واللغوية، وبوسع أي أحد أن يلقي نظرة على الفيس بوك مثلا؛ كي يرى فداحة الأخطاء اللغوية وفحشها، بل إن بعض الشباب والشابات باتوا يكتبون العربية بالاحرف اللاتينية فرارا من مطبات الإملاء وضعفهم المزمن في كتابة الهمزة والتاء مربوطة أو مفتوحة!

انهيار اللغة العربية في المدارس العربية له أسباب كثيرة، لعل أهمها انهيار مكانة المعلم وتآكل هيبته الشخصية والعلمية أيضا، فالمعلم الذي يضربه الطالب أمام زملائه من الطلاب لا يستطيع أن يعلم أحدا لا أدبا ولا لغة ولا احتراما، صورة المعلم الآن بحاجة إلى ترميم وإعادة بناء كي يستطيع أن يفرض حضوره ووجوده كي يعطي للدرس مهابته، وللغة احترامها، حينما غابت العصا عن مدارسنا غاب الاحترام، والهيبة، والخوف أيضا، ومعذرة لهذا الرأي، فقد كنت طيلة الوقت ضد استخدام العصا والعنف في المدارس، ولكنني عدت عن هذا الرأي منذ سنوات، مع الانحدار الشديد في مستوى التعليم والتربية أيضا، حتى في بريطانيا، يظهر استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة (ديلي اكسبريس) يوم الجمعة، أن نصف البريطانيين تقريباً يؤيدون إعادة استخدام العصا في المدارس، وهذا ليس بغريب، بل وجد الاستطلاع أن خمس الأطفال البريطانيين يؤيدون أيضاً عودة العقاب البدني لمحاسبة الطلاب المشاغبين، ومعظم الآباء والتلاميذ على حد سواء يؤيدون منح المعلمين صلاحية التعامل بقسوة مع الأطفال سيئي السلوك، وقال الاستطلاع أيضا إن 93% من الآباء والأمهات و68% من الأطفال يعتقدون أن المعلمين بحاجة إلى التمتع بالمزيد من الصلاحيات في الفصول الدراسية، فيما يؤيد 91% من الآباء والأمهات و62% من الأطفال السماح للمعلمين بأن يكونوا أكثر صرامة حين يتعلق الأمر بالانضباط، كما بيّن الاستطلاع أن 40% من أولياء الأمر، و14% من التلاميذ أيدوا استخدام العصا أو الصفع لمعاقبة الطلاب المشاغبين، فيما عارض هذا الإجراء 53% من أولياء الأمر و77% من الأطفال!!

هذا في بريطانيا، وأنا على ثقة أن أي استطلاع رأي في بلادنا حول هذا الموضوع سينال قبولا بنسب مضاعفة، خاصة وأن الشكوى من انهيار مكانة المعلم تضاعفت منذ منع استخدام العصا والتعنيف في المدارس، وترتب على هذا الأمر تراجع مستوى التعليم، خاصة مع قصة الترفيع التلقائي من صف إلى آخر، مع جملة من «التطويرات» والخطط الغريبة التي هُيء للقوم أنها تنقل التعليم إلى مستويات متقدمة، وإذ بها تهوي به في واد سحيق!!

العصا هي الحل، رغم أن هذا الموقف يبدو ردة إلى الوراء، ولم لا إذا كان يعود بالتعليم والتربية إلى عهودهما الذهبية؟ من ينكر أن التعليم أيام زمان كان أفضل وأكثر قوة وفاعلية؟؟

hilmias@gmail.com