تيسير الغول يسال المخابرات العامة عن صمتها لعقود عن الفاسدين ؟

دائرة المخابرات العامة دائرة أمنية من اهم كوادر الدولة في الجلب والمساءلة والتحقيق، ولها الدور الكبير المنوط بها في الحفاظ على الأمن والأمان للوطن والمواطن. وقد كنت وما زلت أفترض حسن الظن في جميع الأجهزة الأمنية، وأنها رديف فعلي لأمن المواطن وسلامته. ولكن ذلك لا يمنع أبداً من تحرير بعض الأسئلة التي تصدر من بسطاء الناس وخبثائهم على حد سواء إزاء ما يجري الآن على الساحة المحلية مما يجعلهم يتساءلون:

إذا كانت المخابرات العامة هدفها المصلحة العامة للوطن والمواطن وتدعو الى الأمن والأمان والسلامة والإحسان، فما هو جوابها عمّا يُكشف كل حين من قضايا فساديّة إفساديّة كان عليها أن يكون لها قصب السبق في اكتشافها والتعامل معها. فهل كانت دائرة المخابرات كما يدعي البعض غافلة عما يفعل الظالمون المفسدون؟؟.

ويقول آخر بخبث: إذا كانت قضايا الفساد التي بانت حتى هذه اللحظة والتي هي الآن تحت تداول المحاكم المختصة فإن مسؤولية المخابرات العامة عنها تقع ضمن احتمالين اثنين لا ثالث لهما:

إما ان تكون المخابرات العامة على علم مسبق بها وقت حدوثها وخاصة تلك التي حدثت قبل المطالبة بالإصلاح، وإما انها لم تكن تعلم بها ولم تطلع على أركانها ولا على أبطالها. وفي كلا الحالتين فإن المخابرات ملامة على ذلك أشد ملامة.

أما إذا كان هدهد المخابرات العامة قد أحاط بما لم يحط به أحد من العالمين وكان على علم بخبر المفسدين اليقين وعلى دراية تامة بما فعله الفاسدون في الوطن، ومع ذلك فإن الدائرة لم تحرك ساكناً ولم تقبض على أحد بالتلبس؛ فهذا يُعد تفريطاً تؤاخذ عليه ولا يُقبل فيه العذر، ولا أظنه يندرج تحت باب حسن نيّة وصفاء سريرة كما يقول ذلك المتسائل. وأما إن كان هدهدها غافلا عما يفعل الظالمون، ولا تدري ما الذي يحصل للوطن من هدر للأموال وسلب للثروات فإنها تكون أشد ملامة وأكثر مؤاخذة من العذر الأول، لأنها كانت قد أثبتت عبر تاريخها الأصيل الذي عرفناه ولمسناه أنها قادرة على إرسال هدهدها لمعرفة كل ما يفعله المواطن في حياته العادية ابتداءً من مأكله ومشربه ودراسته وتحركاته وأقواله، ونهاية بغدوته وروحته ومجيئه وذهابه، فينبغي لها ومن باب أولى أن تكون أكفأ وأقدر على معرفة العاتيات التي تعصف بالأمة والأخطار التي تحدق بالوطن لأنها أمينة على مقومات الحياة والمال والثروات وكشف بؤر الفساد والإفساد والعتو والإلحاد.

ويسأل مواطن آخر عن ذلك المصطلح الغريب الذي تسرّب مؤخراً الى ثقافتنا وهو مصطلح "البلطجيّة" فما هي حقيقته، ومن الذي يغذيه ويؤويه وما هي المعلومات المتوفرة لدى الدائرة حوله؟ وهل هو حقا موجود أم هو فقط من افتراءات المغرضين الذين يضخمون الأمور ويبالغون في وصف الصورة؟.

لقد كانت المخابرات ويفترض أن تظل ساهرة على عرق المغلوب وتأخذ على يد الناهب من المنهوب وتحمي الأمة من الحوف والخوف والخطوب .وقد كان المواطن وما زال ينظر اليها كدائرة ذات هيبة ومكانة، أمينة على أرزاق الناس ومعاشهم تساوي بينهم بالحقوق غير ناظرة الى شرقي أو غربي أو شمالي وجنوبي، الضعيف عندها قوي حتى تأخذ الحق له والقوي عندها ضعيف حتى تأخذ الحق منه. تجلب اللص الحقير، وتقطع يد المعتدي الوزير، وتنصف المسكين الفقير.

وحتى نثبت حسن النيّة: فإن كان ما أصاب دائرة المخابرات فيما مضى كان مجرد كبوة عابرة وغفوة نادرة أو ظروف كانت فوق إرادتها، فإن المواطن البسيط الذي ما زال يستشعر دفأها ومودتها وإخلاصها وانتماءها للوطن أولاً يرجو لها أن تكون في القادمات الآتيات أشد حرصاً على الوطن وأكثر تمسكاً لإحقاق الحق وأكفأ شفافية ووضوحاً وتحملاً وصبراً لتساؤلات الناس وانتقاداتهم وحتى للغوهم وتحاملهم عليها.

ومن أجل ذات الهدف "حسن النيّة": ما الذي يمنع مدير المخابرات العامة أن يشرع العمل باتباع سياسة الباب المفتوح فيصدر بياناً أو يعقد مؤتمراً صحفياً، يوضح فيه كل ما يمكن أن يلبس على المواطن من ظنون كما يفعل مدير الأمن العام أو أي جهاز أمني آخر، ليقطع بذلك ألسنة الذين ينتقدون بغير علم ويبهت قلوب الذين يصرّون على سوء النيّة، وخاصة أن دائرة مكافحة الفساد قد خرجت من رحم المخابرات العامة، وأنها هي الراعي الأول والأخير لكل ما يستجد عندها من أحداث.

أيها الناس، افتراض حسن النيّة مطلب إنساني قبل أن يكون مطلبا الهيا؛ فاتقوا الله وأحسنوا النيّة لعلكم تفلحون.
 

aq